الانتخابات البلدية والاختيارية، هي استحقاق جرى في موعده الدستوري. والبعض يسميه موسم، واعتباره بمثابة سوق ينشط فيها البيع والشراء، وينتعش الاقتصاد! ولكن أهم من الشهر البلدي، هو ما بعده. وفي العادة والغالب، تنصب مرحلة ما بعد الانتخاب البلدي والاختياري، على تحليل النتائج والأرقام التي أفرزتها الصناديق، ليبنى على الشيء مقتضاه، كما يقال في الظروف المفصلية عادة. وحتى قبل انجاز هذه المرحلة الانتخابية البلدية، بدأت تظهر معالم القلق الدفين في النفوس من الاستحقاق التالي الذي يبدو أنه لا مفر منه. وهو في الواقع استحقاقان وليس استحقاقاً واحداً: استحقاق الانتخابات النيابية وهو الأسبق زمنياً. والاستحقاق الرئاسي وهو التالي على الروزنامة بحسب التعاقب الدستوري. ولما كان لكل مسرحية سياسية عقدتها، فالسؤال الخالد المتداول: أيهما أسبق: الانتخابات النيابية، أم الانتخاب الرئاسي؟!
***
سقوط منطق الذرائع الأمنية والظروف الاستثنائية، أصبح محرجاً للطبقة السياسية بكل مكوناتها، وأصبح من العسير مواجهة جمهور الناخبين الذين أظهروا حماستهم في الاستحقاق البلدي، باطلاق ذرائع لاطالة أمد التمديد للبرلمان، أو لاطالة زمن الشغور الرئاسي. واذا كان اللاعبون الداخليون يعتبرون أن الاستحقاق الرئاسي هو الحجر الكبير، ويلقون تبعاته على كاهل القوى الاقليمية والدولية، فإن الاستحقاق النيابي هو شأن مختلف. ولم يسمع أحد، أي كلام من أية جهة اقليمية أو خارجية، بأنها تتخذ موقفاً من أي مشروع قانون للانتخاب، وهل هي مع النسبية الشاملة، أو النظام الأكثري، أو المختلط، أو مع قانون الستين أو ضده… ما يعني أن هذا الأمر متروك برمته للبنانيين أنفسهم.
***
ليس في الأفق المنظور ما يشير الى امكانية تغير الظروف والمواقف من الاستحقاق الرئاسي، في ظل الواقع الراهن، وما دام المرشحون للرئاسة في صحة جيدة، أطال الله في أعمارهم جميعاً. ولما كان الناخب الدستوري للرئيس هو النائب في البرلمان، وليس القدر، فلا بد اذن من التوجه حصراً الى النائب الناخب للقيام بمسؤولياته، اما من ضمن هذا البرلمان الممدد لنفسه، واذا تعذر عليه ذلك، فلا بد إذن من تجديد شباب البرلمان برمته، بالدعوة الى انتخابات نيابية جديدة… وهذه مشكلة النواب لا الناخبين!