Site icon IMLebanon

التَّشكيك أخطر من الحزام النّاسف  

«التّشكيك» الذي تلا العمليّة النوعيّة في مقهى كوستا والتي أنقذت لبنان من الدخول في دوّامة وذعر الإنتحاريّين ذوي الأحزمة الناسف، هو أخطر بكثير من الإرهاب وانتحاريّيه وأحزمته الناسفة، وكأنّ على القوى الأمنيّة والجيش اللبناني كشف مهمّاتهم وتفاصيلها ليقلع اللبنانيّون عن التّفاهات التي يطلقونها على مواقع التواصل الإجتماعي، بلغ الاستخفاف بكثيرين منّا حدّ وصف العمل النّوعي الأمني الاستباقي وهو إنجاز يستحق إنحناءة إكبار لمخابرات الجيش وفرع المعلومات على جهودهم الكبرى في بلدٍ ضعيف كبلدنا فيما يفشل الأمن وتنكشف ثغراته الكبرى في بلدان أوروبا على سبيل المثال، أو في اسطنبول التركيّة في ذورة الانتشار واليقظة الأمنيّة حيث نفّذ إرهابي مجزرة ملهى رينا التي ذاق لبنان مرارتها الدمويّة.

«تركيبة»، «فيلم محروق»، «تفنكة» [كلمة تركية، جمعها: تَفَنك، والتفنكة هي البارودة، ولا أملك تصوّراً لكيفيّة تحوّل معناها من بارودة إلى تفنيصة]، ثمّة استخفاف حقيقي بالجهود الأمنيّة المبذولة لحماية لبنان من جنون الإرهاب الذي يضرب المنطقة، وهي ليست الإنجاز الأوّل للأجهزة الأمنيّة سبق وتمّ كشف سيارات مفخّخة أنقذت مناطق سكّانيّة من كوارث إنسانيّة، وفي كلّ المرّات كان التشكيك بالقوى الأمنيّة والجيش اللبناني سيّد الموقف، فالتشكيك بإنجاز ضبط انتحاري مقهى كوستا حوّله كثيرون إلى «تركيبة» لينسى النّاس اختطاف ابن زحلة المواطن سعد ريشا، وإنجازات أخرى تمّ التشكيك بها وزرع بذور الفتنة انطلاقاً منها ولضرب مؤسسة الجيش اللبناني تحت مبرر سلاح ميليشيا حزب الله، الأمر الذي يدفعنا للتساؤل: ما الذي يريده المشكّكون؟ وهل الأمر بريء وهو مجرّد فلتان لبناني على مواقع التواصل الإجتماعي؟! لا نظنّ الأمر كذلك أبداً ولأكثر من سبب…

ربّما علينا أن نُذكّر اللبنانيين بسبعينات القرن الماضي والتّشكيك المرير الذي تعرّضت له مؤسسة الجيش اللبناني وبذور الشكّ التي زرعت حولها لصالح الميليشيات الفلسطينية، وإلى أين أفضت بلبنان واللبنانيين وكيف تركتنا عرضة للحروب والعيش تحت رحمة الميليشيات والسلاح المتفلّت، بخفّة شديدة ينخرط اللبنانيّون في لعبة مخيفة، ومن غير المقبول أن تبقى الأمور في معرض التتفيه والاستهزاء، وما هو أخطر من الاثنين أن تكون الأجهزة الأمنيّة مطالبة بـ»تبرير» نفسها وإنجازاتها للمشكّكين مع أن جوهر العمليّات الأمنيّة هو الكتمان لملاحقة المتورّطين غير المنظورين!!

ثمّة كتاب مميّز يحمل عنوان «كتاب حروب الشياطين» لقداسة البابا شنودة الثالث، ومرتكز الكتاب الأساسي هو «التّشكيك» وهو أداة الشيطان العظمى لتدمير الإنسان، التشكيك في الله في العقيدة في التوبة في مفاهيم دينية كبرى، وفي معاجم المعاني «التشكيك» يُقال (في علم المنطق): لفظ مقول بالتشكيك: لفظ يدلّ على أمر عام مشترك بين أفراد لا على السواء بل على التفاوت…

«المشكّكون» يسعون لإيقاع الناس في الارتياب والشكّ، حان الوقت ليكون هناك سقف حماية للأجهزة الأمنية وهي تقوم بمهامها وإنجازاتها، وحماية ظهرها من التشكيك بالعمليّات النظيفة التي تقوم بها حماية لأرواحنا، فهل المطلوب أن تراكم المؤسسات الأمنيّة أعداد شهدائها الذين يسقطون ضحايا الإرهاب بأي شكل كان، حتّى نصدّق أنّ إنجازاتها حقيقيّة وليست «أفلام محروقة»؟!

أما انتحاري «جماعة أحمد الأسير» فلم يُفاجئنا أبداً أن يكونوا على اتصالٍ بـ»داعش»، ومنذ البداية رأينا في «أحمد الأسير» ذهب باتجاه التحذير من كونه ظاهرة إرهابيّة وأنّه سيُكبّد لبنان الكثير، ولكن ماذا بإمكاننا أن نفعل في مواجهة الذين تنطّحوا دائماً للدّفاع عن المتورّطين معه، والأيّام المقبلة ستكشف الكثير عن التحوّلات الأسيريّة الدّاعشيّة!