Site icon IMLebanon

ألا تكفي فضائح “التيار”؟ ماذا ينتظر “الثنائي”؟

 

 

 

من وزارة الطاقة، كرة النار، التي تلقفها من زملاء له في جبهة الممانعة، ثم جعلها ملكية حزبية، بحيث صار تدشين محول كهربائي، حتى خارج قضاء البترون، حقاً حصرياً لرئيس «التيار الوطني الحر»، حتى لو لم يكن وزيراً للطاقة بل للخارجية؛ إلى رفضه عرضاً من البنك الكويتي وعرضاً آخر من ألمانيا لحل أزمة الكهرباء؛ إلى مقابلة متلفزة مع هادلي كامبل في تلفزيون «سي.إن.بي.سي.» وصفت بأنها «جنازة سياسية ودرس مريع في مساوئ التهور»؛ إلى لقطة عابرة وهو يشير إلى مؤخرة إحدى موظفات وزارته في الأمم المتحدة؛ إلى إحدى زلاته، وهي كثيرة، عن البلطجة؛ إلى صراخه في وجه رئيس حكومة تصريف الأعمال أيام شغور رئاسي شارك هو في صنعه: أنا الرئيس.

 

عيّنات من انحطاط السياسة والانحدار الأخلاقي. مع ذلك وقع الاختيار عليه ليكون خليفة، وتفسير ذلك أنّ «شنّاً وافق طبقة». حين كنت أستعرض الحلقات المصورة لمقابلاته المتلفزة أدركت مصدر انحدار اللغة من رشاقة العبارات والمصطلحات الدبلوماسية إلى «بطن السقاية» وخْرَيّان الشاشة» المتحدرتين من رحم لغة كان حاكم عنجر يرشق بها زائريه من سياسيي لبنان: «يا حقير»، وأنسبائها من مفردات النعل والشتائم على الشاشات.

 

يكفي «التيار» أنّ خطابه «العلماني» أفضى إلى تصنيف أنواء الطبيعة تصنيفاً دينياً بين صلبان الحرائق وأهلّة الأمطار. غيض من فيض عهد لم تتسع سنواته الست لتعيين موظفين من الفئة الرابعة لفقدان التوازن الطائفي بين الفائزين؛ ويكفيه شفافية ونزاهة أنّ الرئيس خرج من القصر من دون أن يجيب على السؤال عن أموال حوّلها من أموال الخزينة إلى حسابه الخاص، ويكفيه حرصاً على الدستور مأثرتان، الأولى أنه لم يجد متسعاً من الوقت لتوقيع مرسوم التشكيلات القضائية، والثانية أنّ آخر ما نطق به قبل إدخال البلاد في جهنمه الموعودة قوله للرئيس المكلف: لك أن تعطي من حصتك في الحكومة لا من حصتي. لم يقتنع علمانيو بلادنا بعد بأنّ أهل النظام هم الطائفيون وهم علة النظام وأنّ المحاصصة هي المرض لا الطائفية.

 

الوئام والخصام بين «الثنائي» و»التيار» في حالة مساكنة. قد يفترقون في صناديق الاقتراع أو على طريقة محاربة الفساد أو على أفضل السبل لزعزعة الوحدة الوطنية. لكنهم اتفقوا على تدمير الدولة، منهم عن جهل بأهمية الدولة في حياة الأوطان أو عن خلط موروث بين الدولة والسلطة، ومنهم عن سابق تصور وتصميم، وهم، بلغة القانون، في كامل قواهم العقلية.

 

هذا هو بيت القصيد في المقالة. الموقف من الدولة. بعيداً عن السجال مع الثنائي حول إيران والمحكمة الدولية والاغتيالات والقمصان السود والقرار 1701 وغير ذلك من القضايا الساخنة، على ما لها من روابط مباشرة بشؤون الدولة، فالثنائي قدم فائضاً من الأدلة على تفريطه بالوحدة الوطنية وعلى انتهاكه الدستور إلى الحد الذي يهدد الوطن والدولة بوجودهما.

 

الثنائي متهم للمرة الثالثة بتعطيل انتخابات الرئاسة. في المرة الأولى أفرج عنها بعد اجتياح بيروت ومؤتمر الدوحة، في الثانية بعد أن أذعنت الأكثرية ووافقت على انتخاب مرشحه، وها هو في الثالثة، بدل الانتخاب لملء الشغور الرئاسي، يجعله مع التمديد والتجديد مادة للاجتهادات الفقهية والدستورية عن الشرعية والميثاقية.

 

فيما تولى «التيار» تعطيل الدستور وتعطيل تشكيل الحكومات طيلة العهد المشؤوم، تعهد الثنائي تعطيل النصاب البرلماني. تعطيل بالتناغم. مراهنة الثنائي على «التيار» ينطبق عليها قول المتنبي، «كفى بك داء أن ترى الموت شافيا»، لأنه «ما لجرح بميت إيلام».