لو كان نظام «الملالي» يريد أن يحارب «الشيطان الأكبر» و «الشيطان الأصغر» كما ادّعى، لكان استفاد من تدمير العراق وتقسيمه. علماً أنه لولا الجيش العراقي عام 1973، لكانت إسرائيل احتلت دمشق في حرب تشرين المجيدة…
على كل حال، يبدو أن مشروع «الملالي» لم يقتصر على تدمير العراق فحسب، بل امتد الى سوريا ولبنان واليمن.
نبدأ في سوريا… فأيام الرئيس حافظ الأسد كان الرئيس حريصاً على إيجاد توازن بين علاقاته العربية، وبين علاقته مع إيران، وذلك منذ بداية الحرب العراقية – الإيرانية… وهناك خطاب للرئيس الأسد في احتفال تخريج دفعة من المظليات (نساء) في سرايا الدفاع، الفرقة التابعة لشقيقه رفعت الأسد، حيث قال: «إنه يحافظ على علاقاته العربية، كما يحافظ أيضاً على علاقاته مع إيران…»، وقال أيضاً إنه مستعد أن يكون صمّام الأمان في مصالحة يرعاها بين إيران والعرب والعراق، ولكن للأسف لم يستجب أحداً لرأيه. وهكذا دُمّر العراق ودمّرت إيران، كما ذكرنا أمس.
حافظ الأسد كان حريصاً على علاقاته مع أشقائه العرب ومع إيران، في الوقت نفسه.
وللأسف الشديد، فإنّ هذا لم يفعله ابنه بشار الأسد ولم يستفد من خبرة والده وحكمته.
الغلطة الأولى التي ارتكبها بشار كانت المفاعل النووي، الذي كلّف 4 مليارات دولار. وكان هذا المشروع قد عُرض على الرئيس حافظ الأسد فرفضه قائلاً: لا أستطيع أن أحمي هذا المشروع لأنّ إسرائيل سوف تدمّره.
وبالفعل، اكتشفت المخابرات الإسرائيلية عن طريق الهاتف الخليوي أن هناك 10 آلاف اتصال بين دير الزور وبين كوريا كما نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية، إضافة الى انه خلال زيارة ضابط سوري كبير الى لندن، ذهب الى الفندق ووضع أغراضه في غرفة في أحد الفنادق… وذهب الى السفارة تاركاً جهاز الكومبيوتر في الغرفة المذكورة، صعد رجلان من «الموساد» الإسرائيلي الى غرفة الضابط وأفرغا المعلومات من جهاز الكومبيوتر، ووضعا جهازاً خاصاً داخل الكومبيوتر، حيث تمكن «الموساد» من الحصول على كل المعلومات التي تدخل الكومبيوتر.
أخذ «الموساد» المعلومات، وطلب موافقة أميركية فحصل عليها. وبعد غارة على دير الزور حصل «الموساد» على عيّنات من المفاعل النووي السوري، فأذنت لهم المخابرات الأميركية بالقيام بضربة عسكرية للمفاعل النووي.
ولم يكتفِ التدخل الإيراني في سوريا باستغلال سوريا لنقل أسلحة الى حزب الله، لكنه وإثر بدء الثورة السورية عام 2011 لم تكتفِ بدعم جيش بشار، بل طلبت من حزب الله إرسال مقاتليه الى هناك، والجميع يتذكر ما قاله السيّد حسن نصرالله في كلمة له يومذاك، انه مستعد أن يرسل 10 آلاف مقاتل من «الحزب»، ليدعم الرئيس بشار، وإنه هو شخصياً على استعداد للذهاب الى سوريا والمشاركة في الحرب.
على كل حال، هناك جانب آخر، إذ حاولت إيران القيام بشعائر تشييع في المناطق السورية كمنطقة أبو كمال ودير الزور، إذ بدأت إيران بدفع الدولارات من أجل التشييع.. كل هذا لم ينفع، لأنّ الثورة السورية كانت على مسافة أسبوع واحد مهددة نظام الأسد بالسقوط لولا التدخل الروسي، حيث ذهب اللواء قاسم سليماني الى موسكو واشترى أسلحة بقيمة 4 مليارات دولار، وطلب دعماً عسكرياً روسياً، ولولا التدخل الروسي لكان النظام السوري في خبر كان.
على كل حال، لم تعد هناك دولة اسمها سوريا اليوم، بفضل إيران أصبحت خمس دول:
– دولة سورية الإيرانية
– دولة سورية حزب الله
– دولة سورية الأميركية
– ولم يتبق إلاّ دمشق والساحل السوري، أي طرطوس (رغم وجود قاعدة بحرية للروس فيها) وجبال العلويين واللاذقية.
كلمة أخيرة لا بدّ من ذكرها، هي ان بشار حين تسلم الحكم في سوريا لم يكن هناك أي دين متوجب عليها. فالرئيس حافظ الأسد لم يترك أي دين على سوريا ولو كان هذا الدين دولاراً واحداً… وبفضل بشار صارت سوريا بحاجة اليوم الى ألف مليار دولار لإعادة إعمارها بعد أربع وعشرين سنة من حكمه.
هذا ما فعلته إيران في سوريا… ومن خلال ما ذكرت تعرفون تماماً ما فعله نظام «الملالي» في بلدان ما يسمّى بـ «محور المقاومة».