بالرغم من رفضي الشديد للمذهبية والطائفية وبغضي لهما، الا اننا نعيش في ظل دستورٍ طائفي وقانون انتخابي مبني على المناصفة الطائفية، وعليه أجدني مجبراً لأن اتناول الموضوع من هذا المنظور، خاصة وقد بدأ بازار الانتخابات النيابية ومحاولة استمالة أصوات المسلمين في دائرة بيروت الأولى لصالح هذا المرشح او ذاك.
إن دائرة بيروت الأولى (الأشرفية، الرميل، الصيفي، والمدوّر) باتت مع القانون الجديد «دائرة مسيحية» بامتياز، بحيث تقتصر المقاعد الثمانية المخصّصة لهذه الدائرة على المرشّحين المسيحيين فقط. ووسط المنافسات التي تعيشها الدائرة بين المرشحين المسيحيين، تشكل الكتلة المسلمة في هذه الدائرة بيضة القبان خاصة في زمن الصوت التفضيلي وأهميته في تحديد من يكون نائباً ومن يخرج من سباق البرلمان. فعدد الناخبين المسلمين في محلة الأشرفية يقارب ١٢ ألفاً يضاف إليهم مسلمو المدور، فيصبح العدد في دائرة بيروت الأولى حوالى ١٧ ألف ناخب مسلم مسجّلين (منهم ١٣ ألف مسلم سنّي) حرمهم القانون الانتخابي الجديد من التمثيل النيابي.
لذلك يتنامى لدى المسلمين في دائرة بيروت الأولى الإحساس بالغبن، ويسألون أين الديمقراطية من القانون الانتخابي الجديد كما تزعم الطبقة السياسية؟ كيف سمح نواب بيروت بتقسيم العاصمة دائرتين؟ فقد صدّق مجلس النواب على هذا القانون الذي رسّخ انشقاق بيروت «شرقية» و»غربية»، وأعاد الى الأذهان صورة الحرب الأهلية المقيتة التي أزهقت فيها أكثر من ٢٠٠ ألف روح في بيروت، وقد أدى هذا التقسيم الى حرمان عدّة فئات من التمثيل النيابي لاسيما أكثر من ١٦ ألف مسلماً في دائرة بيروت الأولى، علماً، وعلى سبيل المثال لا الحصر، بأن دروز دائرة بيروت الثانية أقل من ٥ آلاف ناخب ولهم مقعد نيابي، والإنجيليين في دائرة بيروت الثانية أقل من ٨ آلاف ولهم مقعد نيابي، وموارنة طرابلس هم أقل من الفي ناخب ولهم مقعد نيابي، وفي حاصبيا – مرجعيون يبلغ عدد الناخبين الدروز حوالى ١٦ ألف ناخب ولهم مقعد نيابي! كان من الاجدى تلافي هذه الإشكالات من قِبل المعنيين بالشأن البيروتي عبر ممارسة الضغوطات الحثيثة لتوحيد بيروت في دائرة واحدة.
أمّا وقد قُسِّمت بيروت وكان ما كان من زلّة نوّاب بيروت، فعلى القوى السياسية الآن أن تعترف بأن المسلمين في دائرة بيروت الأولى ليسوا كتلة برسم البيع أو الإيجار أو التجيير! وفي ضوء الوعود الفارغة وغياب الاهتمام بهذه الكتلة والاستخفاف في التعامل معها، فإنّ هذه الكتلة في خيار بين أمرين: إما مقاطعة الانتخابات برمتها أو التصويت ضد التيارات السياسية التي همشت صوت المسلمين في الدائرة وألغت مرشحيهم. لم يعد مقبولاً المضي قدماً مع النواب الحاليين فكيف بلوائح معلبة تتضمن أسماء لا يعرفونها تفرض عليهم قسراً.
المطلب الأساسي لأهالي بيروت، كل بيروت، هو العمل لاحقاً وفي أقرب فرصة على تعديل القانون الانتخابي لإعادة وحدة بيروت فتكون دائرة واحدة موحّدة ينتخب أهلها جميع ممثليهم في البرلمان. أما بالنسبة لمسلمي الدائرة الأولى، فالمطلوب حالاً من المرشّحين أن يقدموا مشروعهم بوضوح، وتحديداً الخدمات التي سيخصّصونها للكتلة المسلمة. يجب عليهم ان يفهموا انهم إن أرادوا الحصول على أصوات المسلمين في الدائرة، فعليهم أن يكسبوا ثقتهم، وأن يكونوا في خدمتهم فعلاً لا قولاً وليس كالسابق، فليست أصواتهم «تحصيل حاصل».
أتوجّه الى اهلي في الأشرفية بالقول إننا نشكِّل كتلة وازنة لا يُستهان بها وفينا رجالات ومفكرين وشخصيات مرموقة. لقد تم تهميشنا مراراً وتكراراً وقد وُعدْنا بأمور كثيرةٍ لم يطبّق منها سوى القليل. أولادنا لا يجدون عملاً ويواجهون أحوالاً معيشية قاسية في ظل غياب اهتمام الجميع من حولنا، ويتم التعامل معنا موسمياً فيتذكرون وجوب لقاءنا عند الاستحقاقات ويغيبون عنّا بعدها لأنهم يعتقدون بأنّ الحصول على أصواتنا امرٌ محتّم. هذه الانتخابات فرصة لرفع الصوت عالياً، وأحثّكم على الوقوف وقفة رجُلٍ واحدٍلنقول للمرشّحين «كفى تهميشاً واستخفافاً بنا، ان اردتم اصواتنا فعليكم خدمتنا وكسب ثقتنا!»، وكي نتمكّن في أقرب فرصة من ترشيح ذوينا الى الندوة البرلمانية.