Site icon IMLebanon

خبايا العرش البريطاني… في عيد الملكة التسعين

حياة الملكة إليزابيث الثانية المديدة، جعلتها أحد أبرز وجوه القرنين الماضي والحالي. هي ضربت في 9 أيلول الفائت الرقم القياسي لأطول ولاية ملكية في بريطانيا، حين تخطّت الملكة فيكتوريا التي حكمت مدة 63 سنة و7 أشهر ويومين، بين 1837 و1901. وأطفأت الملكة البريطانية بالأمس شمعتها التسعين.

تعتمد الملكة إليزابيث الثانية إستراتيجية الحياد السياسي منذ أكثر من 63 عاماً، وهي لا تحظى بسلطة إدارة شؤون البلاد، بل بدور شرفي، إلّا أنّ هذه المرأة تتمتع بنفوذ كبير يفوق التوقّعات.

كيف اعتلت العرش؟

ولدت إليزابيث ألكساندرا ماري ويندسور في 21 نيسان عام 1926 في لندن. هي المولود الأول لدوق يورك، ألبرت، وزوجته. اعتلت العرش في 6 شباط عام 1952 في سن الـ 25.

وفي حين يتساءل البعض كيف تمكّنت من الوصول إلى السدة الملكية كونها امرأة، يُذكر أنّ قوانين العرش البريطاني تسمح باختراق المرأة لخط الذكور الذين يتوارثون العرش، شرط أن لا يكون لها شقيق.

فإليزابيت كانت ولي العرش الثالث بعد عمها ادوارد دو غال، ووالدها دوك يورك. لم يكن متوقعاً أن ترث المملكة، لأنّ عمها كان شاباً وكان يُنتظر أن يتزوج وينجب الأولاد. بعد موت جدها الملك جورج الخامس صعد عمها ادوارد الثامن إلى العرش وما لبث أن تخلّى عنه، لأنه قرّر أن يتزوج واليس سمبسون وهي المطلّقة مرتين، ما أثار مشكلات دستورية.

فأصبح والد اليزابيث ملكاً تحت اسم جورج السادس وأصبحت ولية العهد، كونها ابنته البكر. ولكن لو أنجب أهلها أخاً أصغر منها لما كانت وصلت إلى السدة الملكية، بعد والدها، بل كان تحوّل أخوها تلقائياً إلى ولي العهد بعد والده، وهي بعده.

التمييز ضدّ المرأة

نلاحظ أنه على رغم سماح القوانين والأعراف بوصول امرأة إلى سدّة عرش المملكة المتحدة، إذ لا يتمّ توارثه بين رجال العائلة وحسب، بل بين كبار الأبناء وأولادهم، إلّا أنّ التمييز ضدّ المرأة موجود. وتُعطى الأفضلية للإبن على حساب البنت حتّى لو كانت أكبر منه، بينما تصبح ملكة في حال عدم وجود أخ أو بعد وفاته أو تنحّيه، وتحظى بالأفضلية على عمّها في هذه الحال.

نفوذ كبير

خلافاً للإعتقاد الشائع، ليست إليزابيث ملكة إنكلترا وحسب، بل هي الملكة الدستورية للمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية ومملكاتها الأخرى التي تضمّ كندا، وأوستراليا، ونيوزيلندا و16 دولة أخرى من مجموع 53 من دول الكومنولث التي ترأسها الملكة، كما ترأس كنيسة إنكلترا.

هي رئيسة الدولة، فجلالتها تفتح وتوقف جلسات البرلمان البريطاني. تعلن القوانين التي يتمّ التصويت عليها باسمها في هذا البرلمان، تُعيّن رئيس مجلس الوزراء كما تُعيّن وتقيل وزراءه. وهي قائدة الجيش ومعلنة الحرب.

«للملكة نفوذ ولكنها لا تحكم»، و»لجلالتها الحقّ بإعطاء المشورة، وحقّ التشجيع، وحقّ التحذير». تلتقي الملكة أسبوعياً، كلّ يوم أربعاء برئيس الوزراء البريطاني.

خلال هذه «الجلسات الأسبوعية» التي تجمعهما وحدهما دون مستشارين تمارس الملكة حقّها وواجبها بالتعبير عن وجهات نظرها حول شؤون البلاد. ولا تبدو هذه اللقاءات دون فائدة لرؤساء الوزراء، فهذه السيدة النافذة والمثقّفة عاصرت الرئيس تشرشل وغيره من عظماء حكام المملكة المتّحدة واستفادت من خبرتهم في إدارة البلاد.

ويؤكّد رؤساء الوزراء على اختلافهم استفادتهم من تنويرها ومن خبرةٍ راكمتها على مدى أكثر من 60 عاماً في مجال السياسة. ويُذكر أنّ رئيس الوزراء هارولد ويلسون الذي حكم بريطانيا في ستينات وسبعينات القرن الماضي، أشار إلى أنّ لقاءه بالملكة إليزابيث كان الوقت الوحيد الذي يمكنه أن يتحدّث فيه عن مسائل السياسة الخطيرة مع شخص لا يطمح إلى أخذ مكانه.

ديانا هدّدت عرشها

ولكن يبدو أنّ حتّى جلالتها، محكومة، ورئيسها الفعلي هو الشعب. موت الأميرة ديانا وغضب وسائل الإعلام والرأي العام من صاحبة التاج، واتهامها بازدراء أميرة القلوب وعدم إظهار الاحترام لها، شكل أكبر تحدٍ عرفته الملكة إليزابيث.

فهي التي كانت في اسكتلندا حينها اضطرت إلى العودة إلى لندن والتحدّث مباشرة إلى الشعب عبر التلفزيون وتنكيس الأعلام في باكنغهام. وكان هذا بناءً على نصيحة رئيس وزرائها، ولكي لا تسقط من عرشها تحت الضغط الشعبي.

ويليام وكايت طلبا إذنها

وفقاً لقانون الزواج الملكي الصادر في العام 1772، ينبغي على أعضاء العائلة المالكة طلب إذن الملك للزواج. الملك جورج الثالث أرسى طلب الموافقة هذا بعد أن تزوّج شقيقه الأصغر أرملة من عامة الشعب، ذات سمعة سيّئة للغاية… ومازال هذا القانون ساري المفعول. وقبل أسبوع من اليوم الكبير، وافقت الملكة رسمياً على زواج وليام وكايت.

غرائب

تملك الملكة الدلافين والحيتان. ففي العام 1324، وفي عهد إدوارد الثاني، أُعلن قانون «السمك الملكي»، الذي يؤكد أنّ الملك يملك الحفش، وخنازير البحر، والدلافين، وحيتان المملكة. هذا القانون لم يتم إلغاؤه. قصر باكنغهام يؤكّد أنّ هذا القانون لا يشمل السمك التي تتم تربيتها، إلّا أنّ اصطياد دلفين عن الشواطئ البريطانية مثلاً، يعرّض الفاعل لملاحقة الملكة.