IMLebanon

الامة في حزن على ملك التطوّر والمبادرات التاريخية

ليس مصادفةً هذا الحزن الذي عمّ الأمة العربية كلّها وقد امتد الى العالم، على رحيل خادم الحرمين الشريفين المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود… ذلك أنّ فقيد الأمة الكبير كان علامة مشرقة في المرحلة الأقسى من تاريخ المنطقة.

كان الملك الراحل قائداً كبيراً من قادة العرب، كثيراً ما تميّز باتخاذ القرارات الكبيرة التاريخية منذ أن كان ولياً للعهد… ولا تزال مبادرة السلام العربية الشهيرة الصادرة عن «قمة بيروت العربية» في العام 2002 تعتبر الحال الجدية نحو السلام في المنطقة… وأمس بالذات عندما نعاه الرئيس الأميركي باراك أوباما نوّه بدوره من أجل السلام، إشارة الى هذه المبادرة المعروفة باسمه: «مبادرة الأمير عبدالله»، إذ طلع بها يوم كان لا يزال ولياً للعهد.

والملك عبدالله، رحمه الله، حقق نهضة كبيرة في المملكة العربية السعودية: إنماءً إقتصادياً، وتطوّراً عمرانياً، ونهضة تعليمية، وتوفير الأمن والطمأنينة والعطاءات المتواصلة لشعب المملكة الشقيق.

أمّا على الصعيد الخليجي فقد كانت كلمته هي الكلمة الفصل في إطار التعاون الخليجي المشترك الذي كان يحرص عليه حرصاً أكيداً، منطلقاً في ذلك كله من حق شعوب بلدان الخليج العربية جميعاً في الرفاه والعصرنة على قاعدة التراث العريق، والعروبة وقد كان في الحقيقة أكبر العاملين من أجل صيانتها والحفاظ عليها في وجه القوى الطامعة قريبها والبعيد.

وعلى الصعيد اللبناني فإنّ مكرمته الكبيرة، وغير المسبوقة على الإطلاق، لا تزال موضع التقدير والشكر وقد بادر، من خلالها، الى تخصيص مكرمتين أولاهما لتسليح الجيش وقيمتها ثلاثة مليارات دولار، والثانية مليار دولار للجيش وقوى الأمن الداخلي، وجاء هذا المبلغ الضخم من دون أي مقابل أو منّة أو شروط، فقط انطلاقاً من حرص جلالته على لبنان ومن حبّه لهذا الوطن.

وهل يفوتنا أن نذكر أنّ نحو 400 ألف لبناني يعملون في المملكة العربية السعودية ويرفدون ذويهم في لبنان بتحويلات ضخمة تكاد تكون العصب الوحيد لمواجهة الوضع الاقتصادي والأزمة الاجتماعية المتفاقمة في هذا البلد، صحيح أنّ اللبنانيين هناك يسهمون في تطوير المملكة، إلاّ أنّهم يلقون أفضل أنواع المعاملة والترحاب والمناخ الملائم لهم لينتجوا ويجنوا بدل أتعابهم بكرامة واحترام.

إنّ الخسارة بالمغفور له بإذن الله تعالى الملك عبدالله بن عبدالعزيز هي خسارة كبيرة ليس على صعيد المملكة والأمة وحسب بل على الصعيد العالمي عموماً، وقد كان رجل السلام والحكمة والإتزان وأيضاً المبادرات الخيّرة، وهي بالتأكيد خسارة موصوفة للبنان، ولكن ما يعزّي إعلان خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك الجديد سلمان بن عبدالعزيز أنّه يسير على نهج الملك الراحل مع ولي عهده الجديد الأمير مقرن بن عبدالعزيز…

تغمّد الله فقيد الأمة بواسع رحمته ورضوانه، ووفّق القيادة السعودية الجديدة الى خير المملكة والسلام في المنطقة والعالم.