IMLebanon

«الكتلة الوطنية» تُحضر لـ«ثورة سياسية».. وورشة داخلية

 

في هيئتها الجديدة التي تريد من خلالها محاكاة الأحزاب الخارجية الحديثة، تخوض «الكتلة الوطنية» تحدياتها في داخل الحزب وخارجه في نطاق عملها مع مجموعات 17 تشرين، التاريخ الذي تزامن مع إطلالتها الأخيرة.

 

ربما جاءت الانتفاضة الشعبية لتوفر لـ«الكتلويين» مناخا مؤاتيا للعمل وتقديم صورتهم الجديدة بعيدا عن اصطفاف سياسي وطائفي على غرار الغالبية العظمى من الأحزاب. وبتنويعها الطائفي الداخلي وتبديلها الذي شهد تمظهره الاخير في هيكليتها الداخلية، تنخرط «الكتلة» في حربها على سلطة طائفية وفاسدة وتشرع في محاولة صياغة مستقبل الانتفاضة مع المجموعات على الارض.

 

وبحسبها أن الانتفاضة لم تنته، وهي تنأى بنفسها عن كل ما شاب الاندلاع الاخير للاحتجاجات من عنف وقطع للطرقات من قبل احزاب مخاصمة لها. هذا العنف لا يلغي معاناة جماهير الاحزاب كما غيرهم من اللبنانيين جراء الواقع الحال الصعب، لكن ذلك لا يدفع «الكتلة» الى القبول بأجندات مخفية لاستعادة مشهد «الثامن» و»الرابع عشر» من آذار، حسب القيادية فيها لين حرفوش التي ترى ان لا عودة الى ذلك الشرخ الماضي. فالاحزاب تلك تشاهد شعبيتها وهي تنحدر لصالح الانتفاضة وترفع شعارات طائفية في سبيل تطويق ذلك ولعدم إظهار ان هناك من ينادي بالاصلاح في وجهها. رغم ذلك لا تجوز شيطنة تحركات الشارع تلك برغم «اننا لا نوافق على قطع الطرقات وأذية الناس».

 

لكن الحزب مصر على متابعة طريق 17 تشرين عبر ما يكفله الدستور وعبر كل السبل السلمية المتاحة لرفع الشعارات المطلبية والسياسية، لكن الاولوية لمواجهة الانهيار الحاصل والتركيز على الامور الملحة وقضايا الساعة مثل الوضع الاقتصادي والانفجار الاجتماعي. وبذلك تتمايز «الكتلة» التي ترى نفسها في المعارضة في وجه السلطة ولا طرف ثالث في المعادلة، عن كل من يضع مسألة السلاح اولا، فهذا الموضوع سيأتي وقته، «لكننا في حاجة الى حكومة انتقالية وليس حكومة أقنعة كالحالية، تواجه الوضع عبر سلسلة اجراءات وخطوات اساسية لوقف الانهيار الكلي وتأمين شبكة امان اجتماعي والانتقال الى رؤية اقتصادية جديدة في موازاة التحقيق في جريمة المرفأ..». هذه هي القضايا الملحة اليوم وسط فقدان الثقة بالسياسيين وبمؤسسات الدولة ومنها القضاء، وثمة عمل يجب القيام به لوقف الهجرة وخاصة هجرة الادمغة، ووضع قانون جديد للانتخابات، والاهم اجراء انتخابات في ظروف مختلفة تحت اشراف موثوق بعيد عن وزارة الداخلية الخاضعة للسياسة، وبذلك تكون مراقبة من قبل هيئة مستقلة بعد توفير صلاحيات استثنائية لحكومة تشكل نقطة البداية في خارطة الطريق للتغيير.

 

واقعيون في مقاربة 17 تشرين

 

ترى المنسقة العامة في الحزب ان هناك من لم يكن يعتقد ان المسألة ستتخذ كل هذا الوقت، «لكننا امام منظومة مستمرة لأكثر من 40 سنة استباحت كل المؤسسات، ونضالنا مستمر بعد ظروف صعبة مرت على اللبنانيين منها جريمة المرفأ وكورونا، لكن علينا ان نكون واقعيين ونتمسك بالأمل وفي الوقت نفسه لدينا مسؤولياتنا».

 

ثمة عمل حثيث على تنظيم مجموعات 17 تشرين وحتى تلك السابقة على هذا التاريخ، وترى «الكتلة» في نفسها طرفا مؤهلا لكي تشكل نقطة التقاء للمجموعات وللشخصيات عبر «ثورة سياسية في الممارسة وهذا يتطلب قناعة من الناس في تيارات الانتفاضة وسلخ نفسها عن الاحزاب التقليدية التي اعتقدت انها تشكل امانا لها بعيدا عن دويلة الاحزاب لبناء دولة حقيقية».

 

لذا فالعمل قائم لتشكيل الإطار الموحد الذي يتخذ شكل التحالف او الجبهة «وهذا ما نعمل عليه عبر تكثيف اجتماعاتنا مع كل احزاب المعارضة لتقريب وجهات النظر عبر نقاشات جدية في اتجاه مطلب واحد، حتى لو اختلفنا في بعض الرؤى فالهدف الاسمى هو حكومة انقاذية ما يتطلب نقاشا عميقا في الرؤية مع الجميع». وهذا يحصل مع مختلف قوى الانتفاضة وفي إطارها جاء اللقاء الاخير في الجميزة مع النائب أسامة سعد ومنها ما سيأتي مستقبلاً..

 

بين بكركي وسلاح «حزب الله»

 

من هنا ترى «الكتلة» اصطفافها في المعارضة الشعبية في وجه احزاب السلطة التي تتحمل كلها الانهيار ولو في شكل متفاوت. وهي في الواقع تحتفظ لنفسها بتمايز جديّ، فهي أثنت مثلا على موقف بكركي بعد رفعها الغطاء عمن تعتبرهم خطا أحمر وتؤيد دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي الى مؤتمر دولي وعدم التمحور. وتقدم حرفوش رأياً في كون الاحزاب التي تنادي اليوم بالسيادة هي تعني فعليا رفضا للمحور الايراني، لكن هذا الرفض يجب ان يتم للمحاور جميعا ومنها ذلك السعودي والآخر الاميركي..

 

والحزب بذلك يريد استعادة ما يعتبره موقفه السيادي منذ التأسيس، «وكون لبنان عضو مؤسس في الامم المتحدة، فمن حقه وواجبه استعمال هذا الأمر لإعادة بعث الامل لدى اللبنانيين الذين فقدوه».

 

والأمر يسقط نفسه كما نرى على موضوع سلاح «حزب الله» الذي تعتبر «الكتلة» انه يشكل مشكلة كبيرة وهو لا يزال على الطاولة ويجب حصره في  يد القوى الشرعية في اطار استراتيجية دفاعية.

 

في هذه الأثناء يُحضّر «الكتلويون» لورشة داخلية تأتي متابعة للاصلاحات التي خرج الحزب بها قبل مدة بعد إلغاء منصب العميد، واليوم تم إلغاء ايضا منصب الرئيس لصالح لجنة تنفيذية مع امانة عامة ومجلس حكماء يشرف على التاكد على الالتزام بمبادىء الحزب وعدم الخروج عنها.

 

كما يتم التركيز على اعادة العمل على النظام الداخلي الحزبي الذي سيصوت عليه مجلس الحزب ثم يصبح كل شيء منتخبا مثل مجالس الاقضية والهيئات وقطاع الطلاب. ويجهد الحزب لتقديم ملاذا للشباب وللعنصر النسائي إضافة الى التواصل مع قدامى الحزب، وقد يعلن عن كل تلك الآليات الجديدة خلال مدة لن تكون بعيدة.