IMLebanon

المجلسان الوطنيان؟

«المجلس الوطني» مع أل التعريف، هو الذي يدلّ على معنى شامل لتمثيل وطني عام. ومجلس وطني من دون أل التعريف، يعني أنه واحد من مجالس وطنية، وهذا هو الإنطباق الأصحّ على ما يجري عندنا.

والإنطباق الأصحّ على ما يجب أن يجري عندنا، هو قيام مجلس وطني لا مجلسان… لأن أي مجلس لا يضمّ إِجماعاً وطنياً يكون نصف مجلس وطني في مواجهة نصف مجلس وطني آخر، والوطن في هذه الحال يصبح أيضاً نصفين لكلٍّ من المجلسين نصف وطن.

المجلس الوطني يفترض أن يكون مجلس النواب، لو أنَّ هذا المجلس لم يطوِّبْ نفسه إرثاً وراثياً لبضعةٍ من المتزعمين ولأبنائهم من بعدهم، الى آخر حدود القدرة على الإنجاب والى أن يقطع الله النسل بالعُقْم.

ولو أنّ هذا المجسَّم الذي يربض عندنا وفوقنا هو حقاً دولة ديمقراطية، لها نظام وقانون ودستور، لكان من الممكن أن يكون هناك مجلسان وطنيان يتنافسان سياسياً وحضارياً، ولا يتحولان الى جبهتين حربيتين، حتى وإن كان للمجلس الوطني صفة إستشارية كالجندي بلا بندقية، فلا تنتفي عنه الصفة القتالية، لأنه حين يتحصن في متراس، يصبح لباسه الرسمي موشّى بالخيوط المرقّطة.

المجلس الوطني لقوى 14 آذار يصحّ أن يكون خطوة متقدمة في مجال إحلال التفاعل الطائفي محل الإنفعال العنفي، إلا أنه ليس هو الحلّ.

الحلّ، ليس في تضخيم الحجم إحتياطاً للتلاطم مع حجم آخر ضخم، وليس بتكبير الحجر بل بحسن التسديد.

والحل المنتظر بعد طول معاناة وقهر وجور وصبر، حيث الوطن مهدّد بالتفكّك والشعب يشدّ الركاب نحو الإرتحال، هو في ثورة ربيع لبناني إن لم يكن على أسنّة الرماح، فعلى أسنة القانون.

والثورة التي تقوم ضد السلطة الفاسدة لا تتحقق على يد ثائرٍ هو نفسه الحاكم، وإنْ هي تضاربت بين الشعب والشعب تصبح حرباً أهلية لا ثورة إصلاحية.

الذين راهنوا في العالم العربي على التخدير السريري للحسّ الشعبي، استيقظوا «في ليلة ليس بها كوكبُ»، على ثورات دامية غرق بها الحاكم والمحكوم والظالم والمظلوم في بُرَكٍ لن تجفَّ من الدم.

والذين يراهنون عندنا على إغراق الشعب في الكوابيس السريرية والأحلام الليلة، إن لم يستدركوا التغيير الثوري بالتغيير الشرعي بدءاً بقانون إنتخاب يجسد حقاً إرادة الشعب، فقد يخشى أن يصبح الربيع العربي بديلاً من الربيع اللبناني، وأن يكون جنون الإنقلاب بديلاً من قانون الإنتخاب.

إن الله مع الصابرين إذا صبروا… ولكن الى حين.