Site icon IMLebanon

ضرورة تنويع اقتصاد دول النفط العربية

انخفض سعر برميل البرنت في الشهر الجاري بنحو ١١ في المئة من مستوى بلغ قبل شهر نحو ٥٥ دولاراً إلى نحو ٥٠، وذلك رغم قرار أوبك في تشرين الثاني (نوفمبر) التخفيض مع عدد من دول خارج أوبك ١,٨ مليون برميل في اليوم من إنتاجها.

مستوى السعر اليوم الذي يرتفع قليلاً أحياناً، ثم يعود وينخفض يعكس زيادة في المعروض النفطي العالمي. فالمخزون النفطي الأميركي ازداد في منتصف آذار (مارس) بنحو خمسة ملايين برميل وخلال سنة ارتفع ٣١ مليون برميل ليصل إلى ٥٣٣ مليون برميل ما يمثل مستوى مرتفعاً. والملاحظ أن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة بدأ يرتفع بسبب انخفاض كلفة إنتاجه انخفاضاً كبيراً حتى أن إنتاجه يبقى مربحاً للمستثمرين إذا بقي سعر برميل النفط فوق ٤٥ دولاراً. فزيادة النفط الأميركي ستبقى في هذا الاتجاه ما دام دونالد ترامب ينفذ وعوده الانتخابية، من بينها نقض التزام سلفه أوباما باتفاقية باريس للحد من الانبعاثات الحرارية. فترامب يعارض معظم الإجراءت البيئية التي فرضت في إطار التغير المناخي ونتائجها على منتجي النفط الأميركيين وهو في طور إلغاء معظمها. فهذا يعني أن ترامب سيعمل على رفع كل العوائق البيئية التي وضعت أمام منتجي النفط الأميركيين وأن العرض الأميركي سيزداد.

واجتمعت لجنة مراقبة التزام دول أوبك بقرار تخفيض الإنتاج في الكويت وأكدت التزام أوبك بتخفيضاتها بما يصل إلى مستوى ٩٤ في المئة، ولكن رغم هذا التخفيض وتوصية اللجنة بتمديد قرار التخفيض ستة أشهر بعد مؤتمر أوبك المقبل في فيينا في ٢٥ أيار (مايو) انخفض سعر النفط في آذار. ورأى أمين عام أوبك النيجري محمد باركندو أن العالم حالياً يمر في موسم يتقلص فيه تقليدياً الطلب على النفط، وأن في شهري كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير) أغلقت مصاف أميركية للصيانة، في حين زاد بعض الإنتاج الأميركي. ومن المتوقع وصول كميات كبيرة من النفط من خارج أوبك في ٢٠١٧ من أميركا وكندا والبرازيل. وأن كل هذا النمو في العرض يتم استيعابه الآن في السوق وأدى إلى ارتفاع في المخزون.

إن دول أوبك أمام معضلة: فكلما خفضت إنتاجها، رفعت، في المقابل، الشركات الأميركية إنتاجها، حتى أصبح النفط الأميركي منافساً ومهدداً أساسياً للدول المنتجة للنفط التي عليها أن تسرع في تطوير خطة بديلة لاقتصادها والتفكير جدياً بتنويعه. والابتعاد في شكل سريع عن النفط كركيزة أساسية لبناء اقتصاد غير معتمد أساساً على النفط والغاز مثلما هو الآن. بعض الدول المنتجة للنفط مثل السعودية بدأت تفكر بتنويع اقتصادها، لكنّ هذا المسار يتطلب جهوداً عملاقة في دول تنعم بثروات ضخمة من النفط والغاز، خصوصاً أنها تعودت على الاعتماد كلياً على هذه الموارد التي تمثل ثروتها. ولكن على خطة تنويع الاقتصاد أن تكون أولوية في الدول الغنية بهذه الموارد لأن النفط الأميركي سيبقى منافساً لها على المدى الطويل مهما حاولت تخفض إنتاجها لرفع الأسعار. وهو الحل الوحيد على المدى الطويل لأن تخفيض حصة إنتاج دول أوبك قد يحسن عائداتها موقتاً، لكنه قد يقود إلى تخفيض الحصة والعائدات على المدى الطويل إذا استمر منتجو النفط الأميركي بالإسراع في التنقيب والإنتاج في القطاع الصخري وفي الأماكن الصعبة. وسعر النفط سيظل متقلباً ما بين ٤٠ و٥٠ دولاراً، وقد يؤثر ذلك في المدى البعيد في الاستثمارات في هذا القطاع. وفي مواجهة المنافسة الشديدة لنفط الشرق الأوسط يجب أن تطور الدول النفطية الشرق أوسطية سريعاً خططها لتنويع اقتصادها ومحاولة الابتعاد عن هيمنة النفط والغاز في اقتصادها، وهذا ما لم يحصل بعد حتى على أدنى الصعد لسهولة الاعتماد على الثروة الموجودة.