Site icon IMLebanon

ضرورة الحفاظ على اتفاق الطائف «الذي أنهى الحرب»!

 

كأنّ لبنان لا يكفيه الانقسام السياسي الحاد بين فئاته السياسية والدينية والاجتماعية والمناطقية، ليأتي مَنْ ينتهج ممارساتٍ رعناء تزيد الانقسام القائم خطورةً على مصير البلد. ولم يعد خافياً أنّ مردَّ المشاكل في الحياة السياسية اللبنانية، هو سعي فريق سياسي لتثبيت قواعد مناقضة لروحية اتفاق «الطائف»، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، بوضعه ركائز النظام السياسي اللبناني الحالي.

 

ويُمعِن فريق العهد «القوي»، في تجاوز اتفاق «الطائف»، وتجويفه من مضامينه بحجّة «استعادة» حقوق المسيحيين حيناً، والحفاظ على الميثاقيّة أحياناً أُخرى، وهو يتعاطى مع نصوص الدستور باستنسابية وانتقائيّة ومزاجية، مدمِّراً قواعد اتفاق الطائف وروحيّته، بحسب ما تقتضي مصالحه ومكاسبه وأنانيّته.

 

ولا يُخفي هذا الفريق نيّة العودة إلى مرحلة ما قبل «الطائف»، من خلال ممارسته حصر كل الصلاحيات بيد رئيس الجمهورية، والتعاطي مع رئيس الحكومة وكأنّه «باش كاتب»، وذلك عبر تحكُّم الرئيس بقرارات مجلس الوزراء، وفرض إرادته، والتفرّد بسياسة الدولة العامة، ما يشكّل إخلالاً في التوازن الطائفي، وتضارباً في الصلاحيات، فيما ينصّ دستور «الطائف»، على أنّ الحكومة التي يترأسها رئيس مجلس الوزراء، هي التي تملك سلطة البت في رسم السياسة العامة الداخلية والخارجية للدولة، وهي المسؤولة أمام السلطة التشريعية.

 

اليوم صار من الضروري، قبل أي شيء آخر، معالجة الخلل الفاضح في الأداء السياسي لفريق العهد، ووضع حدٍّ لاستمراره في تجاوز الدستور والتمادي في مخالفة نصوص «الطائف»، بهدف تهميش الطائفة السُنيّة واستفزازها، ويجب العمل على تطبيق جميع البنود الإصلاحيّة في اتفاق «الطائف»، وصولاً إلى إلغاء الطائفية السياسية، فلا تتمثّل الطوائف سوى في مجلس الشيوخ المزمع إنشاؤه.

 

أمّا إذا تمَّ التغاضي عن الانزلاق السياسي الحاصل وتبعاته، فذلك سوف يدفع لبنان نحو حافة الانهيار. وفي حال تداعى اتفاق «الطائف» بسبب الممارسات الفئوية الفتنويّة للفريق البرتقالي وحلفائه، فقد يسقط ما يُعرف بـ»الديمقراطية التوافقية»، لصالح المطالبة بديمقراطية تقوم على الأكثرية العددية، فيُطالب المسلمون بمعاودة العدّ، عندها قد تُقرع طبول الحرب مجدّداً!