IMLebanon

بين صدقية ترامب وضبابيته حيال لبنان: تباين وتقاطع في قراءات ديبلوماسية حذرة!

 

يرى ديبلوماسي أجنبي، لبلاده دور كبير في المحافل الدولية والإقليمية في العمل على وقف الحرب على لبنان وغزة، أنّه وعلى رغم من الانتخابات الرئاسية الاميركية، وما أسفرت عن نتائج حملت دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، لا يزال الوضع ضبابياً لجهة ما ستُقدم عليه واشنطن من مبادرات، خصوصاً انّ هناك تشكيكاً في أنّ الرئيس ترامب سيزيد من ضغوطه على إسرائيل لكي تضع حداً للاعتداءات التي تقوم بها يومياً وعلى مدار الساعة، على امتداد الخريطة اللبنانية.

وما لا يوحي كثيراً بالتفاؤل، هو إسناد مناصب رئيسة ومفتاحية في الإدارة الاميركية الجديدة إلى شخصيات معروفة بتطرفها وانحيازها لإسرائيل. وعدّد هذا الديبلوماسي 5 منها، ولعلّ أبرزها نائب مديرة موظفي البيت الأبيض الكبار ستيفن ميلر.

 

ولا يستبعد الديبلوماسي نفسه تسمية آخرين لا يقلّون عن هؤلاء تطرّفاً وانحيازاً للدولة العبرية. ويستدرك ليقول، إن ثمة هامشاً واسعاً أمام ترامب يمكنه من التحرك في الاتجاه الذي يريد، سعياً وراء الحل للوضع الراهن في الشرق الأوسط، إنطلاقاً من إطفاء جبهة لبنان وغزة. وهنا يأتي الديبلوماسي عرضاً على ذكر رسالة الرئيس الأميركي المنتخب التي وجّهها بواسطة البريد الإلكتروني إلى الجالية اللبنانية في الولايات المتحدة، ويتعهد فيها بمساعدة لبنان على استعادة سلامه. وكذلك الرسالة المكتوبة والموقّعة منه التي حملها والد صهره مسعد بولس إلى اجتماع الجالية اللبنانية في مدينة ديربورن في ولاية ميشيغن، وهي ذات غالبية شيعية. وتساءل: هل يلتزم الرئيس ترامب بما وعد به، وكيف؟ واستناداً إلى أي قراءة ووفق أي سيناريو؟.

ويقول الديبلوماسي الأجنبي نفسه، إنّ المرحلة دقيقة وحساسة جداً، وتقتضي الحدّ الأقصى من الوعي والتضامن الإنساني في مواجهة هذه المحنة، والتنبّه من محاولة إيقاد الفتنة الداخلية وأخذ البلاد إلى منحى اكثر خطورة من الوضع الذي ترسو فيه حالياً جراء الحرب الدائرة.

ويأسف الديبلوماسي لكون لبنان الرسمي والسياسي لم يصغ بانتباه إلى تحذيرات بلاده من استعدادات تقوم بها تل أبيب على قدم وساق، لشن حرب مدمّرة على لبنان. وإذ يشير إلى عمل جاد في المحافل الدولية للتوصل إلى حل يضع حداً لهذه الحرب، فإنّه لا يُسقط قلقه من الجو السياسي والإعلامي المتشنج، وما يمكن أن يخلفه من تداعيات سلبية تهزّ الاستقرار الداخلي وتقود إلى منزلقات خطرة.

من ناحيته، يقول ديبلوماسي عربي، لبلاده أدوار تؤديها في المحافل الدولية وبصمت، من أجل وقف الإبادة الجارية في لبنان وغزة على يد الدولة الصهيونية، وهو يشهد على مرأى منه الغارات الوحشية على ضاحية بيروت الجنوبية طوال يوم أول من أمس الثلاثاء، «أنّ المدفع قال كلامه»، وأنّ الوقت قد حان للتفاوض. مشيراً إلى أنّ «المفاوضات ستكون شاقة وصعبة»، وأنّ «لعبة الديبلوماسية ستأخذ مداها»، وهو إذ لم يعوّل على تحول كبير سينتج من القمة الإسلامية – العربية في الرياض، يكون له التأثير الحاسم في وقف الحرب، فقد رأى في انعقادها إيجابية على رغم من قراراتها المتواضعة، وهي تظهيرها صورة معبّرة تعطي انطباعاً بـ «أنّ المسلمين والعرب متحدون».

 

ورأى هذا الديبلوماسي، أنّ ترامب «أوحى ببداية إيجابية وأغدق وعوداً كبيرة، لكن تبقى العبرة في تحقيقها او بالحري في القدرة على تحقيقها». ولم يستبعد هذا الديبلوماسي أن تتباين قراءات الأطراف المعنيين بالحرب الدائرة ووقفها، حول قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701، ويجب أن يُبذل جهد جبار لتوحيد القراءة وتجاوز الإملاءات التي تسعى إسرائيل إلى فرضها كشرط لقبولها وقف إطلاق النار. وأشاد بالدور الذي تضطلع به فرنسا لمصلحة لبنان، وهي استطاعت أن تُحدث خرقاً داخل الاتحاد الأوروبي من خلال « لوبي» يضمّها مع اسبانيا وبلجيكا والنروج، وهو خرق مرشح للتوسع، وذلك لوقف المجزرة الحاصلة.

ويركّز الديبلوماسي العربي على أهمية أن يكون للبنان خطاب موحّد، مشيراً إلى أنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يتفادى الضغوط التي تنهال عليه، فيما رئيس المجلس النيابي يتلقّى رسائل ضغط ووعيد لتعديل رؤيته للحل وقبوله بالشروط الاميركية – الإسرائيلية التي تُعرض عليه، «وفي يقيني أنّ قصف منطقة الجناح كان رسالة موجّهة له».

وإذ يشير الديبلوماسي عينه إلى الدور الذي تضطلع به الجزائر، بصفتها رئيسة الدورة الحالية لمجلس الأمن الدولي لجهة الدفع الى تبني حلول منصفة وعادلة، بغرض وقف الحرب المتمادية على لبنان وغزة، والمعارك التي تخوضها دفاعاً عن وطن الارز وقطاع غزة، وتدخّلها في تفاصيل الأوراق المتبادلة بين أعضاء مجلس الأمن، حتى في تبديل بعض الجمل وتغيير بعض العبارات، فإنّ الكلام الحقيقي حول مآل الوضع في منطقة الشرق الأوسط، وخصوصاً لبنان وفلسطين المحتلة، وبالأخص غزة، هو لقمة دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، عندما تجمعهما قمة منتظرة. وإنّ القراءات المتباينة والمتطابقة، والتقاطعات المنطقية او الخارجة عن المألوف، لا تقدّم صورة واضحة تعكس حقيقة الوضع، ولا توفر معطيات تساعد في فك ألغاز الأزمة وطلاسمها، وفي انتظار إكتمال المشهد على وقع الميدانين: السياسي والحربي، فإنّ الأمور لا تزال مشرّعة أمام كل الاحتمالات.