IMLebanon

الوجه “الجديد” لإيران

بعد تعيين علي شمخاني أمينا للمجلس الأعلى للأمن القومي في إيران، كثرت التكهنات عن سياسة إيرانية جديدة حيال العرب. علاقاته التاريخية مع دول الخليج، وخصوصاً السعودية، أثارت تفاؤلاً باختراق جدار العداء بين المملكة السنية والجمهورية الاسلامية الشيعية. صلاته القديمة مع العراق واتصالاته في آب الماضي مع السلطات في بغداد والنجف واربيل لإنهاء أزمة الحكومة العراقية، زادت شائعات توليه الملف العراقي. عقب الدمار الذي نهش المحور الممتد من حدود إيران شرقاً إلى البحر المتوسط مروراً بالعراق وسوريا ولبنان، أوحى تعيين رجل يوصف بالواقعية السياسية، بتوجه إيراني إلى التخلي عن المقاربة العسكرية والأمنية للواء قاسم سليماني لملفات المنطقة، لمصلحة مقاربة سياسة أشد هدوءاً.

بدا تعيين هذا الرجل، وهو الأول من أصل عربي يتسلم منصباً بهذا المستوى في جهاز الدولة الإيرانية منذ الثورة، امتداداً لعهد جديد في إيران بدأ مع انتخاب حسن روحاني الذي أبدى رغبة في إخراج بلاده من عزلتها الدولية. ففي عهد محمد خاتمي، نجح شمخاني من منصبه وزيراً للدفاع في كسب ثقة الغرب نتيجة قربه من المشروع الاصلاحي للرئيس، وبات يمثل أملاً أميركياً في تغيير النهج الإيراني. ومن هذا المنطلق، اعتبر حلوله محل سعيد جليلي، الايديولوجي المتشدد الذي واجه في نهاية عهده انتقادات كثيرة، حتى من مقربين من المرشد بدعوى إساءة إدارة المفاوضات النووية وزيادة المتاعب الدولية لبلاده، دليلاً إضافياً على رغبة طهران في تصحيح أخطاء سلفه وخطايا سيّده محمود أحمدي نجاد. وعلى رغم نقل روحاني الملف النووي الى عهدة وزارة الخارجية، بقيت في جعبة الاهوازي الحائز وسام الملك عبدالله بن عبد العزيز، ملفات لا تقل تعقيداً عن ملف الطموحات النووية الإيرانية.

تنبع السمعة المعتدلة لشمخاني من لياقته في مواجهة المتشددين. لكن أحداً لم يتوهّم أنه غريب عن نظام الملالي. إنه إلى حدّ كبير نتاج للثورة الإسلامية. ابن الحرس الثوري الذي انتقل إلى الوسط السياسي. ويقول باحثون في الشأن الإيراني إنه حتى عندما شارك في حكومتي خاتمي وزرع الآمال في الغرب، كان دائماً رجل خامنئي في حكومة خاتمي.

عندما تخلت طهران عن رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي الصيف الماضي، ثمة من رأى في هذه الخطوة لمسات لشمخاني وفوزا للمعتدلين في طهران، بيد أن مسار الأحداث أثبت أن تبدل الموقف الإيراني سببه التطورات على الارض والغزو الداعشي أكثر من كونه تحوّلاً في السياسة الإيرانية. ولم يختلف الوضع في سوريا حيث لا تزال طهران تتمسك بالسياسة نفسها حيال النظام. أما عودة التراشق بين الرياض وطهران، فليست إلا دليلاً على أن هذا المحارب القديم لا يزال عازماً على خوض السياسة ببدلة العسكر، وأنه يقف عند خط الدفاع خلف خط النار الذي لا يزال يقوده شمخاني.