IMLebanon

الوجه الجديد للفاشية الإسرائيلية

عكست حادثة اطلاق جندي إسرائيلي النار على جريح فلسطيني وقتله، صورة مخيفة عن التغييرات العميقة التي مر بها المجتمع الإسرائيلي في السنوات الأخيرة في ظل حكم اليمين المتشدد. فوقت سارعت وزارة الدفاع ورئاسة أركان الجيش إلى توقيف الجندي واعتبار تصرفه خروجاً عن التعليمات وخرقاً “للمعايير الأخلاقية”، هب الجمهور الإسرائيلي دفاعاً عن الجندي وعن سلوكه، مهاجماً المسؤولين الكبار في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

ما حصل يظهر أننا اليوم أمام مجتمع إسرائيلي مختلف يميني متطرف حتى حدود الفاشية، عنصري معاد لكل ما هو غير يهودي، يقدس العنف ومتعطش للدماء. ومن الواضح أن تأثير ثماني سنوات من حكم اليمين هو أوسع وأعمق بكثير على المجتمع الإسرائيلي مما كان يبدو حتى الآن.

في دراسة ممتازة للباحث الفلسطيني رائف زريق بعنوان “قراءة في الراهن الإسرائيلي”، يتحدث الكاتب عن نشوء “يمين إسرائيلي جديد” منشغل بعد زوال المخاطر الخارجية على إسرائيل وغياب خطر اندلاع حرب إقليمية، بأسئلة داخلية مثل هوية الدولة اليهودية ومعنى الصهيونية. يسعى هذا اليمين الى تغيير الأسس التي قامت عليها إسرائيل في فترة حكم حزب العمل، وإضفاء نظرته الخاصة الضيقة على مؤسسات الدولة من خلال السيطرة على الجهاز القضائي، والتحكم باجهزة الرقابة على عمل الدولة، وتقييد حرية الاعلام، واصدار تشريعات عنصرية، الامر الذي بدأ يغير تدريجاً وجه النظام السياسي في إسرائيل.

وقد تكون ردة فعل الجمهور الإسرائيلي المؤيدة لعملية القتل بدم بارد التي قام بها الجندي دليلاً على التغير الحاصل. غالبية الإسرائيليين اعتبرت اطلاق رصاصة على رأس فلسطيني مضرج بدمائة عملاً طبيعياً. في الماضي كانت حادثة كهذه تثير عاصفة احتجاج في إسرائيل ضد سلوك الجيش الإسرائيلي، أما اليوم فهي تثير عاصفة معاكسة دفاعاً عن الجندي وتضامناً معه.

لقد أوجدت سنوات من سياسة اليمين الإسرائيلي التحريضية ضد العرب والفلسطينيين، نزعة شعبوية شوفينية متطرفة لدى شرائح واسعة من الجمهور الإسرائيلي، الذي يقف إلى يمين الائتلاف اليميني الحاكم ويزايد عليه وينظر بعين الريبة والحذر الى أي عملية محاسبة رسمية، ويشكك في رئيس أركان الجيش ووزير الدفاع لمجرد وقوفهما ضد نزعته الفوضوية.

يسعى اليمين الإسرائيلي الى تحويل إسرائيل الى قلعة يهودية صافية محصنة ضد الفوضى التي تحوطه من خلال بناء قوة عسكرية هائلة، ومن خلال سلاح الكراهية والعنصرية والعنف. والسلاح الأخير ذو حدين، ويمكن ان يرتد في أي لحظة على أصحابه.