الحكومة الجديدة تحتاج لنيل 3 أنواع من الثقة: دستورية وشعبية ودولية
طبخة تشكيل الحكومة لم تنضُج والرئيس المكلّف سيخوض معركة قاسية حول توزيع الحقائب
في حال صدقت النوايا، وكانت الاخبار المسربة من الغرف المغلقة صحيحة، فإننا سنكون في غضون ساعات امام تحديد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون موعد وبرنامج الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف الشخصية التي سيوكل إليها تأليف الحكومة العتيدة، بعد ان ضخت في الساعات الماضية موجات تفاؤلية أعقبت حركة من المشاورات شهدتها المقرات الرئيسية من بعبدا إلى عين التينة فبيت الوسط.
وبما ان المثل الشائع يقول بأن الشياطين تكمن في التفاصيل فإن أحداً لا يستطيع الجزم أقله اليوم بأننا بتنا على مقربة من التأليف بعد ان أصبحت الشخصية التي ستكلف بعملية التأليف معروفة وهو المهندس سمير الخطيب الذي قام في الساعات الماضية بمروحة من الاتصالات واللقاءات بغية المطبات التي يُمكن ان تبرز امامه محطة الولوج في التأليف، خصوصاً وانه لم يتوافر بعد بشكل نهائي الإجماع السياسي حول شكل الحكومة.
وبالرغم من تقاطع العديد من المعلومات حول التأكيد بأن الطريق إلى التأليف باتت معبدة، وان البحث انتقل إلى مرحلة إسقاط الأسماء على الحقائب، فإن مصدر وزاري مطلع على مسار المفاوضات الجارية رفض تأكيد أو نفي هذه المعلومات معتبراً انه من المبكر الحديث عن وصول سباق التكليف والتأليف إلى نقطة النهاية، وان ما يضخ من موجهات تفاؤلية يبقى مرهوناً بالساعات المقبلة، كما انه يبقىمرهوناً بعدم وجود افخاخ.
ورأى ان مصدر هذه الموجات التفاؤلية كان الجولات التي يقوم بها المهندس الخطيب وإعلانه بأن الأجواء إيجابية، إضافة إلى كلام الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا بأن الأيام المقبلة ستحمل تطورات إيجابية، إضافة إلى ما تضمنه المؤتمر الصحافي الذي عقده الوزير جبران باسيل وان كان قد بدا فيه «إجر لقدام وإجر لورا»، كما ان هذه الموجات التفاؤلية نجمت أيضاً عن تأييد الرئيس سعد الحريري للمرشح إلى عملية التأليف المهندس سمير الخطيب، والحركة التي قام بها النائب وليد جنبلاط باتجاه عين التينة وبيت الوسط.
غير ان هذا المصدر في تقديره ان هذه التفاؤل ما زال ينقصه عناصر موضوعية، لأن الحكومة التي ستؤلف يجب ان تكون قادرة على نيل ثلاثة أنواع من الثقة: اولاً: الثقة الدستورية وهي مستمدة من مجلس النواب، ثانياً: الثقة الشعبية وهي تؤخذ من الحراك الشعبي، وثالثاً الثقة الدولية وهي تؤخذ من الدول المانحة، وأي حكومة ينقصها عنصر واحد من هذه العناصر الثلاثة لا تستطيع ان تقلع، وحتى هذه الساعة فإن العناصر الثلاثة غير متوافرة، وهو ما يجعلنا غير قادرين على الجزم بأي شيء قبل حصوله، لأن القرار الخارجي للتأليف لم يصل بعد.
وإذ يعتبر المصدر المشار إليه بأن الأمور لم تنضج بعد على الرغم مما يقال، فإنه يرى ان عملية التأليف ليست مشكلة ومن الممكن تأليف حكومة في غضون ساعات، إنما الذي يطرح نفسه في هذه الظرف هل نريد حكومة تحكم أم تصرف أعمال، حكومة تصل إلى المجلس وتأخذ الثقة أم حكومة تسقط في الشارع، حكومة مشكل أم حكومة حل، وحكومة محاربة الفساد أم متابعة الفساد، وأخيراً حكومة إنقاذ أم حكومة اشراف على الانهيار الاقتصادي؟
ويلفت المصدر النظر إلى ان عقد التمثيل ما تزال ظاهرة بقوة على مسرح التمثيل وهي موجودة في التمثيل الشيعي والسنّي والمسيحي، وبالتالي فإن هذا الموضوع يحتاج إلى المزيد من التشاور هذا ناهيك عن توزيع الحقائب، وهذا ما يجعلنا نميل إلى عدم الافراط في التفاؤل بقرب ولادة الحكومة العتيدة التي ما تزال تحتاج إلى الكثير من العناصر التي يجب توافرها حتى يمكننا القول بأننا اقتربنا من موعد التأليف.
في مقابل، هذا المشهد الضبابي لفتت مصادر سياسية عليمة إلى ان المناخات التي أفضت إليها حركة المشاورات التي امتدت إلى ساعات الليل حملت إشارات إيجابية حول التوصّل إلى تفاهم مبدئي بأن تكون الحكومة تكنوسياسية وبالتالي فإن عجلة هذه المفاوضات التي ستتكشف اليوم تندفع بقوة إلى الامام باتجاه تحقيق هدف التأليف، بعد ان حققت مشاورات الأمس تقدماً يُمكن البناء عليه في إزاحة ما يُمكن ان يظهر من عراقيل امام مسار التكليف والتأليف معاً.
وفي رأي هذه المصادر ان مسألة التأليف باتت أقل تعقيداً من ذي قبل وانه من الممكن الوصول إلى خاتمة سعيدة في وقت قريب ما لم يطرأ في الربع الساعة الأخير أي لغم تعطيلي غير موضوع في الحسبان.