يتطلع اللبنانيون عموماً الى ان تكون مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية مرحلة جديدة، بكل ما لهذه الكلمة من معنى.. وذلك على الرغم من العديد من التطورات الدولية والاقليمية الاخيرة، والتي اثارت العديد من التكهنات والقراءات والاجتهادات المثيرة في جانب منها.. والتي يبدو أنها أضفت مزيداً من التعقيدات في الواقع السياسي اللبناني، الذي ينتظر انجاز كامل الاستحقاقات النيابية اليوم، بانتخاب رئيس للمجلس النيابي ونائب له وهيئة المكتب، لتبدأ مسيرة الاستشارات النيابية الملزمة تمهيداً للتكليف وبدء مسيرة استشارات تأليف الحكومة الجديدة.
التطمينات السعودية لجهة ان قرار دول مجلس التعاون فرض عقوبات على »حزب الله« لن يؤثر على تشكيل الحكومة الجديدة، بالغة الأهمية إلا أنها غير كافية، مع التصعيد الاميركي المتزايد، وآخره ما صدر على لسان وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو، لجهة تهديده »بسحق وكلاء ايران واعوانها من »حزب الله« في جميع أنحاء العالم..«؟!
لقد وضعت الادارة الاميركية لبنان في طليعة استهدافاتها، وهي تعرف، ان ذلك سيقود لبنان الى متاهات بالغة الخطورة، خصوصاً، وان الافرقاء اللبنانيين في غالبيته الساحقة يرفضون أي تدخل خارجي في صلب شؤون لبنان الداخلية خصوصاً وأن الحكومة أقرت باجماع مكوناتها »النأي بالنفس« عن الصراعات الخارجية، من دون ان يشمل ذلك الصراع مع العدو الاسرائيلي.. مع الاخذ بعين الاعتبار إشكالية مشاركة »حزب الله« في العديد من الازمات الاقليمية – العربية، وتحديداً في سوريا..
لا يمكن وصف المواقف الاميركية بغير أنها تضع العصي في دواليب قاطرة الاستحقاقات اللبنانية، وفي مقدمها – بعد انجاز الانتخابات النيابية – تشكيل حكومة لبنانية جديدة برئاسة الرئيس سعد الحريري، على ما تؤكد المعطيات المتوافرة والمنقولة عن غالبية الافرقاء، وفي مقدمهم »الثنائي الشيعي«..
ليس من شك في ان هذا التصعيد الاميركي، خيب آمال العديد من الافرقاء السياسيين اللبنانيين، من بينهم من يخالفون ويتحفظون ويرفضون الدور الذي يقوم به »حزب الله« وبقاء »السلاح غير الشرعي« خارج منظومة الدولة ومؤسساتها العسكرية والامنية.. بل ان كثيرين، يرون في ذلك إستهدافاً مباشراً للرئيس سعد الحريري، خصوصاً، اذا ما تشددت الادارة الاميركية في طرح الشروط المتعلقة بتشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة، ولبنان على عتبة تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات، حيث من المتوقع ان ترتفع سقوف مطالب الافرقاء كافة، والشروط الى حدها الأقصى، حيث تكون التطورات الاخيرة مادة دسمة لتعزيز هذا التوجه او غيره فتنقلب الآمال والوعود بالحكومة الجديدة، الى »صدمة« حقيقية، تتجاوز سقوف الحقائب والتوزير والاحجام..
صحيح ان ما يواجه تأليف الحكومة الجديدة، أكثر كثيراً من »الضغوطات« الاميركية، خصوصاً وان الصراعات الداخلية على النفوذ والامساك بالقرارات وتوزع الحقائب ونوعيتها بين القوى السياسية، قد خرج الى العلن، ولم يعد في الغرف المغلقة، لاسيما بين ثنائي »المارونية السياسية«، »التيار الوطني الحر« و»القوات اللبنانية، وذلك على رغم تأكيد رئيس »القوات« سمير جعجع »ان »القوات« لا تصر على أي حقيبة بحد ذاتها، وما يهمها هو بالدرجة الاولى شكل ونوعية الحكومة الجديدة باعتبار ان البلاد لا تحتمل الاستمرار في الواقع الحالي..«.
اللافت، أنه وعلى الرغم من كل السيناريوات التي تتردد إعلامياً، فإن الأنظار تتجه الى زيارة الرئيس الحريري المملكة العربية السعودية، وهي زيارة بالغة الأهمية، خصوصاً وأنها تأتي بعد القرار الخليجي والاميركي – وعلى أبواب تشكيل الحكومة، وهو لن يقصر في ابداء رأيه وقراءاته، وما يتطلع اليه، وبين الواقع والممكن.. وتأسيساً على هذا، فقد استبعدت مصادر في »المستقبل« »ان تلفح رياح العقوبات الاميركية – الخليجية المفروضة على »حزب الله« مسار تشكيل الحكومة وان تصل الى حد التهديد بعدم التعامل مع لبنان الرسمي بسبب وجود »حزب الله«، المصنف »إرهابياً« بجناحيه العسكري والسياسي داخل الحكومة..« وان لم تستبعد المصادر اياها ان لا يخرج تمثيل الحزب في الحكومة الجديدة من دائرة الحقائب التي طالما استندت اليه في الحكومات السابقة؟