IMLebanon

الحكومة الجديدة أمام تحدّي تعزيز الثقة الدوليّة بلبنان

 

في قراءة أولية للحدث الحكومي وولا دة حكومة العهد الأولى، لاحظت أوساط ديبلوماسية غربية في بيروت، أنه من الواضح وفق هذه التشكيلة، أن ما من فريق سياسي يمتلك القرار الرئيسي أو يستطيع ادعاء امتلاكه قرار تعطيل مجلس الوزراء في المرحلة المقبلة. وعلى الرغم من أن الأوساط وجدت أن الوجوه الجديدة تسمح بالتطلّع إلى إنتاج واعد، خصوصاً على صعيد الإصلاحات المطلوبة لاستيعاب الأزمة الإقتصادية المتنامية، فإنها أشارت إلى أن الهوية العامة لهذه الحكومة تشبه إلى حد بعيد هوية الحكومة السابقة للرئيس سعد الحريري، لا سيما وأن مسار مواجهة الأزمات الداخلية والخارجية المتنوّعة، طويل وشائك، فالوزراء الجدد كما القدامى، أمام استحقاقات جمّة متمثّلة بالعناوين المالية والإقتصادية في الدرجة الأولى، والملفات السياسية والأمنية والإجتماعية المرتبطة بالأوضاع الإقليمية والتجاذبات الدولية في الدرجة الثانية.

 

وعليه، فإن الأصداء الخارجية التي سُجّلت في الأيام القليلة الماضية، قد طغى عليها الطابع الإيجابي، بصرف النظر عن بعض التصريحات الأميركية الأخيرة، والتي لا تؤثّر بشكل دراماتيكي على انطلاقة الحكومة في المرحلة المقبلة، وكذلك، على أولوياتها التي سيحملها البيان الوزاري. وبالتالي، تقول الأوساط نفسها، أن التحدّي الرئيسي أمام حكومة الرئيس سعد الحريري، يتركّز اليوم على تعزيز الثقة الدولية بالسلطة اللبنانية وبالمؤسّسات الدستورية، مؤكدة أن المعبر الإلزامي للوصول إلى هذا الإنطباع هو من خلال إطلاق إجراءات إصلاحية سريعة ودائمة وغير مرتبطة بتوقيت أو استحقاق معيّن مثل مساعدات مؤتمر «سيدر1».

 

ومع أن التوقّعات، على الأقلّ على الساحة اللبنانية الداخلية، تبدو مرهونة بالإنجازات المرتقبة، على حدّ قول الأوساط الديبلوماسية، فإن الثابت أن لبنان قد تجاوز «قطوعاً» خطيراً، إذ كان قد وصل من حيث الوضع المالي والإقتصادي إلى مرحلة متقدمة من الخطر، إلى أن أتت عملية التسوية التي أفضت إلى الحكومة الراهنة، لتنقل الوضع من ضفة إلى اخرى، من دون أية اعتبارات أخرى متّصلة بطبيعة أو هوية هذه الحكومة. وبالتالي، فإن الملاحظات التي اقتصرت بشكل خاص على الإدارة الأميركية من دور حزب الله في الحكومة من خلال وزارة الصحة، تبقى في سياق الموقف من دون أن تسلك طريق الترجمة عبر إجراءات محدّدة وفق ما قالت الأوساط نفسها، والتي اعتبرت أن الترحيب الخارجي، ولا سيما الغربي بالحكومة، قد شكّل جواز مرور إلى الثقة الدولية، متجاوزة بذلك الحكومة كل متطلّبات الأطراف الدولية، وذلك على صعيد التوازن السياسي، والذي بدا واضحاً في التسوية، حيث أن ما من طرف قد تمكن من الحصول على مطلب الثلث المعطّل القادر على الإمساك بالقرار السياسي في البلد.

 

وعليه، فإن تشكيل الحكومة قد حصل في الوقت المناسب، إذ أنه طوى صفحة الإستنزاف على كل المستويات السياسية والإقتصادية والمالية، وأطلق مساراً جديداً على الساحة الداخلية، خصوصاً وأن حسابات الربح والخسارة التي أدّت إلى تأخير ولادة هذه الحكومة تسعة أشهر لن تؤدي إلى انتصار فريق سياسي على آخر بحسب الاوساط، كما أن الحملات والتجاذبات الداخلية لم تؤثّر على الخط الذي سلكه الرئيس سعد الحريري منذ تمسّك بمطالبه، وتجاوز تحدّي إرضاء كل المكوّنات النيابية بما فيها الكتلة المعارضة له ولتيار «المستقبل».