يتلهَّى البعض في الملف الحكومي وكأنَّ هناك قدرة على ترف تقطيع الوقت في بلدٍ يحتاج إلى كلِّ دقيقة فيه من أجل إعادة النهوض.
التأخير في تشكيل الحكومة يؤدي إلى تأخير في كثير من المستويات، وكلها مستويات تؤثر على كل الفئات، وليس صحيحاً أنَّ الضرر يمكن أن يقع على فئة من دون أخرى.
***
إنَّ التأخير في تشكيل الحكومة يُصيب بأَعراضِه أكثر من قطاع، ما ينعكس سلباً على دورة الحياة في لبنان على كل مستوياتها.
أول ما يصيب التأخير ترجمة مقررات مؤتمر سيدر، فهذه المقررات مشروطة بإصلاحات تشريعية ونقدية وإدارية يُفتَرض أن يُنجزها مجلس النواب في ظل وجود حكومة تنال ثقة النواب. في هذه الحالة قد يتوصل رئيس المجلس إلى عقد جلسات تشريعية تعوِّض غياب الحكومة، وهذا ما يمكن أن يتوصل إليه اليوم اجتماع هيئة مكتب المجلس لتقرير موعد الجلسة التشريعية التي يمكن أن تشرِّع الإصلاحات المطلوبة، لكن السؤال يبقى:
هل تشريع الضرورة يُغني عن ضرورة الحكومة؟
بالتأكيد كلا، فالمطلوب حكومة اليوم قبل غداً.
***
وما يصيب تأخير تشكيل الحكومة غياب الموازنة العامة للعام 2019، ومن المفاعيل السلبية لهذا التأخير العودة إلى كارثة الصرف على القاعدة الإثنتي عشرية، ونقول كارثة لأنَّ الصرف سيكون في هذه الحالة من دون ضوابط، وهذا ما بيَّنته عملية الصرف حين لم تكن هناك موازنات.
***
ومن النتائج السلبية للتأخير في تشكيل الحكومة، الترتيبات التشريعية المطلوبة من أجل الأمور الحيوية، وفي مقدمها مسألة بناء معامل توليد الكهرباء ما يجعل استمرار الإستعانة بالبواخر أمراً حتمياً في ظل عدم وجود البدائل، مع ما يعني ذلك من إضافة الأعباء على خزينة الدولة.
***
هذه عينات عن الإنعكاسات السلبية للتأخير في تشكيل الحكومة، لكنها ليست الوحيدة بل إنَّ هناك مخاطر أكثر بكثير ومن بينها:
مراكز الضمان الإجتماعي التي تشهد شغوراً هائلاً وتستدعي ملء الشواغر، وهذا الأمر لا يحدث إلا في ظل وجود حكومة.
ولا يقتصر الأمر على ملء الشواغر بل إنَّ هناك مسائل مرتبطة بالأوضاع الإجتماعية والحياتية للبنانيين، فعلى سبيل المثال لا الحصر، كيف ستتم معالجة مسألة القروض السكنية في غياب حكومة أصيلة؟
إنَّ هذه المسألة حيوية جداً، ومن شأن عدم متابعتها أن يُحدِث أزمة على الصعيد العقاري، خصوصاً أنَّ هذا القطاع يمرُّ بفترة أقل ما يُقال فيها إنَّها مأزومة.
***
هذا غيض من فيض المصاعب المتأتية من التأخر في تشكيل الحكومة، فهَل مَن يتَّعظ؟