أما وقد انتهت الانتخابات النيابية الى ما انتهت اليه من نتائج، من غير مفاجآت تستحق الوقوف عندها، سوى المآخذ المتمادية من مرجعيات سياسية وقانونية وحزبية، على قانون الانتخابات «الجديد» والدعوات المتزايدة لاعادة النظر فيه والعمل على قانون آخر، فإن الانظار والاهتمامات والمتابعات تتجه الى المرحلة التالية، والمتمثلة بتشكيل حكومة جديدة، بعد العشرين من ايار الجاري، حيث تكون الحكومة باتت «حكومة تصريف أعمال» مع انتهاء ولاية مجلس النواب الحالي..
هناك عدد كبير من الاسئلة، والتساؤلات حول الحكومة الجديدة المطلوبة، ومن سيكون رئيسها، وكيف ستتوزع الحقائب على الكتل النيابية، وهل ستمضي اتفاقات سابقة بتخصيص هذه الحقيبة لهذه الطائفة او تلك، ووفق أي بيان وزاري وبرنامج عمل المرحلة المقبلة، حيث يتفق الجميع، على القول: «ان ما بعد الانتخابات النيابية لن يكون كما قبلها..».
قد يكون من المبالغة في التفاؤل القول، ان ولادة الحكومة الجديدة سيمر بهدوء ومن دون أي «كباشات سياسية».. على رغم ان الاتصالات على هذا الخط بدأت من تحت الطاولات، وان المناخات التي تشاع من عديدين، تؤكد ان تجربة «حكومة الوحدة الوطنية الحالية برئاسة الرئيس سعد الحريري حققت العديد من الانجازات غير الهامشية وليس هناك ما يدعو للانقلاب عليها، سوى باستبدال العديد من الاسماء والحقائب..
يميل الاتجاه العام لصالح الرئيس نبيه بري لتجديد «البيعة» له في رئاسة المجلس النيابي، وهو وحليفه «حزب الله» يحوزان على 28 نائباً.. وحتى اللحظة ينأى رئيس المجلس عن تسمية مرشحة لرئاسة الحكومة المقبلة وهو «معروف» ولكنه يتحفظ عن تسميته، لأسباب لم يعلن عنها. خصوصاً وأن المسألة تحتاج الى بث عدد من المسائل من بينها على سبيل المثال لا الحصر، هل ستكون الحكومة المقبلة من داخل مجلس النواب او من خارجه، على ما يشدد البعض لجهة «الفصل بين النيابة والوزارة..» او ستكون مشتركة (نيابية وغير نيابية) من دون ان يعني ذلك أنها ستكون حكومة من خارج الافرقاء والقوى والاحزاب والتيارات السياسية الممثلة في مجلس النواب؟! وكيف ستوزع الحقائب الوزارية، «السيادية» وغير السيادية.
الانتخابات بالنسبة الى الجميع «محطة وانتهت» وما أسفرت عنه من نتائج لا يمكن العبور من فوقه وكأنه لم يكن.. ولطالما شدد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على ان «أول حكومة بعد الانتخابات النيابية ستكون «حكومة العهد الأولى»؟ والمواقف التي صدرت عن قيادات سياسية وحزبية بارزة، تشدد على مجموعة أسس من بينها «طي صفحة الماضي» و»جمع الافرقاء السياسيين مع بعضهم البعض»، وإرساء التوافق بين سائر الاطراف» و»التهدئة وضبط الاعصاب»، و»استخلاص العبر من الماضي والانتقال الى واقع جديد..».
بانتظار اجتماع مجلس النواب المنتخب وانتخاب رئيس وهيئة، فإن الكرة بعد ذلك ستكون في مرمى القصر الجمهوري حيث سيتوافد الجميع الى قصر بعبدا للاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس حكومة.. والمرجح في هذا الخصوص، ان اسم الرئيس سعد الحريري سيتقدم على ما سواه من أسماء، خصوصاً، وان ليس بين «السنة السياسية» شخصية تحظى بتأييد داخلي وخارجي يوازي ما عند الرئيس الحريري، واذا كان هناك من «خروقات» فإن الامور ستسلك مسلكها القانوني وسيكلف من سينال الغالبية.. لاسيما وان الجميع متفقون على ان الوضع دقيق ولا يجوز ان «مط» المسألة وتأخذ الحكومة أشهراً لولادتها..
سينقل عن الرئيس بري، كما عن غالبية الافرقاء تأكيده وجوب الاسراع في تأليف الحكومة، «كي لا يضيع البلد في متاهات نتيجة الاستحقاقات التي تنتظرنا، ونتيجة الوضع الاقتصادي وما يعانيه اللبنانيون عموماً..» لافتا الى ان الشعب اللبناني «يريد اصلاحاً حقيقياً ويريد مقاومة الفساد بدليل الانتخابات التي جاءت درساً لكل واحد منا من دون استثناء» ليخلص داعياً الى وجوب «ان نضع أيدينا بأيدي بعضنا البعض ونتكاتف جميعاً وننسى اننا في لبنان..»؟!
يضع الرئيس بري عقبة في وجه الحكومة الجديدة، عندما يعلن تمسكه بأن يكون وزير المالية «شخص شيعي» وهي مسألة قد تلقى بعض الاعتراضات والتحفظات..» لكن الجميع متفقون على استحالة ان تكون الحكومة من طرف واحد، او من أفرقاء متقاربين.. في وقت يرى عديدون ان «حكومة تجمع الاصدقاء، والافرقاء عموماً، على ما هي «حكومة الوحدة الوطنية» برئاسة الرئيس الحرير، ليس عيباً، وهي حكومة، أنجزت العديد من المشاريع، بشهادة الجميع.. وتبقى العناوين الرئيسية محور نقاش ومنها «النأي بالنفس» و»الاستقرار السياسي والاقتصادي والامني..» و»مواجهة التحديات الخارجية.. وتحديداً الاسرائيلية، عبر صيغة «الاستراتيجيا الدفاعية والالتزام بالقرارات الدولية.. وتوفير فرص العمل مع تأكيد التكامل بين الرئاسات الثلاث» على ما يقول الرئيس الحريري.