يُسجل للقانون الانتخابي الجديد أنّه أثار حميّة الوجوه الجديدة للتقدم بالترشحات الكثيرة. وليس يُعرف بالضبط ما إذا كانت هذه الظاهرة سترقى الى النتائج الإيجابية أو أنها سترسو عند السلبية. فالأمل ألاّ يكون «الجدد» مجرَّد طامحين إلى المقعد النيابي، بل أن تكون لديهم طموحات لا مطامع وحسب.
بداية يجدر الإقرار بأنَّ «الجدد» في معظمهم ليسوا من «النادي» التقليدي. وتكفي نـظرة واحدة إلى دفق الأسماء التي تقدم أصحابها بترشحاتهم في الأيام الأخيرة ليتبين لنا أنَّ اكثريتهم من الشباب الجديد الذي يعتبر أنه قد يكون القانون «النسبي» بمثابة مدخل لتحقيق الآمال.
والواقع، من خلال خريطة ما ظهر من التحالفات الانتخابية حتى الآن، وما لم يظهر منها بعد، أنَّ الباب سيكون مقفلاً، وبقوّة، أمام الوجوه الجديدة، لأنَّ التقليديين ومَن يدور في أفلاكهم «يلعبونها» جيداً بحيث يتعذر إيجاد ولو ثغرة واحدة يمكن النفاد منها.
وهذا الواقع ليس جديداً. إذ في قوانين الانتخابات الأكثرية لم يُسجل في تاريخ هذا البلد «ظواهر» طلعت من الصف (كما يقول العسكر للإشارة الى قلّة نادرة من الضبّاط الذين يترقون من خارج المدرسة الحربية) …. وبإستثناء ظاهرة واحدة في بيروت تمثلت بالنائب السابق نجاح واكيم، فإنَّ «الشرط» الأكيد والوحيد (وإن لم يكن مكتوباً) للوصول الى الندوة النيابية هو الحصول على «بركة» الزعماء ورؤساء اللوائح وأحياناً بركة المرجعيات الروحية التي تزكي مرشحاً ما في لائحةٍ ما. وفي أوقات أخرى كانت الأجهزة تلعب دوراً كبيراً في إضافة اسماء إلى اللوائح… طبعاً لا يعتدّ بمرحلة الوجود السوري في لبنان يوم كانت «عنجر» تأمر وتنهى: هذا يكون نائباً، وهذا لا يكون. حتى اذا وصل أحدهم بالإرادة الشعبية التي «فلتت» من الحسابات تم إسقاطه (كما جرى فعلاً في البقاع الغربي وفي عكار) واحتُسب غيره نائباً!
وفي أي حال نحن من الذين يتفاءلون بالقانون الجديد بالرغم ممّا سجّلنا عليه من تحفّظات. فظاهرة التقدّم بالترشحات نرى اليها من زاوية شخصية إيجابية، أمّا تأثيرها العام فمن المبكر الجزم فيه حالياً وإن كنا لا نرى آمالاً ذات شأن لمن يترشحون من خارج اللوائح الكبيرة التي تتولاها القيادات والزعامات الحزبية.. هذه القيادات التي تسجّل منعطفاً لافتاً في مسيرتها من خلال تأمين استمرارية «السلالة» بالتنحّي عن الترشّح وتقديم الابناء الى الناس عبر إلباسهم عباءة معنوية هي النيابة… لأنّ التوريث مضمون في حضور المورّث بينما قد لا يكون مضموناً إثر وفاته. وفي هذا النقطة يقول مرجع ديني إنها «وراثة مع مفعول متقدم». وهذا أبرز أساليب مواجهة الأجيال الجديدة واقامة المزيد من الحواجز في وجهها ليُحال دونها وتحقيق طموحاتها ولمنع الدماء الجديدة من أن تجري في عروق النظام القائم في هذا الوطن. لأن «الدم الأزرق» له الأفضلية كونه «المسؤول» عن إيصال لبنان الى هذا الدرك.