لا هي زلّة لسان، ولا هي خطيئة تستحق المساءلة. وما قاله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن احتمال العودة الى القانون النافذ قانون الستين هو توصيف لحالة وتعبير عن وجهة نظر قابلة للنقاش. والتسرّع في توجيه الانتقاد والاسراع الى إشهار السكاكين، فيهما شيء من مجافاة الواقع، وشيء من الظلم… فلا الرئيس من عشاق قانون الستين لا في السرّ ولا في العلن، ولا هو من النوع الذي يستسلم بسهولة أو بصعوبة، لا قبل نهاية المعركة ولا بعدها، فكيف ومعركة القانون الجديد لا تزال مستمرة، حتى لو بقي من عمرها ساعة واحدة؟! وفي بلد يفهم فيه السياسيون ان السياسة هي مناورات ومناورات مضادة يقوم بها السياسيون، ألا يحق لرئيس الجمهورية أن يستحلي قليلا ويناور قليلا أيضا؟!
***
بشيء من الصراحة التي قد تكون فجّة، ما هو السبب الحقيقي الذي يحول دون إقرار قانون انتخاب جديد؟ في واقع الأمر ان الغالبية الساحقة من المكونات السياسية حققت انجازا غير مسبوق في توصلها الى توافق فعلي على اعتماد مبدأ النظام النسبي بديلا عن النظام الأكثري المعتمد منذ الاستقلال. وهذه نقلة نوعية وتاريخية في حدّ ذاتها، وهي بمثابة الخرسانة المسلحة القابلة لاقامة بنيان قانون انتخاب جديد عليها. والصحيح أيضا، توجد تباينات في التفاصيل التي لا يستهان بها، غير أنها ليست من النوع المستحيل تذليله وتجاوزه… ولكن لماذا يتعذر على من قطع ماراتون السنوات الثماني الأخيرة من قانون الانتخاب ان يتجاوز السنتيمترات الأخيرة المتبقية على خط النهاية؟..
***
بالصراحة الفجّة نفسها نقول ان الكيدية السياسية هي العائق الأخير في وجه قانون الانتخاب الأخير. وبصراحة أكثر، فان حركة أمل عارضت انتخاب العماد عون لرئاسة الجمهورية، ولكن الرئيس نبيه بري حفظ مقام الرئاسة ومقام العماد عون، قبل الانتخاب وخلاله وبعده، والى يومنا هذا. غير أن الكيدية السياسية بدرت من بعض مكونات التيار الوطني الحر، وكأنها أرادت تصفية حسابات الماضي، فحاولت الظهور بمظهر الأمر لي، وتطاولت على مقامات لها حضورها وتمثيلها وعمقها في الوطن. هذا البعض مارس الكيدية السياسية علنا حينا ومداورة حينا آخر… وكان السلاح المستخدم في هذه الكيدية هو قانون الانتخاب الجديد…
***
عندما تنحلّ عقدة الكيدية السياسية، تنحلّ عقدة القانون الجديد، ورئيس الجمهورية وحده هو القادر على حلّها…