كما كان متوقعاً انسحبت جلسة مجلس النواب أول من أمس على ما سبقها في الجلسة الأولى، عندما بدا جلياً أن مسار ودور المجلس النيابي الجديد مغاير كلياً عن ما سبقه من مجالس، بحيث تغيّر إيقاع الجلسات والتعليبات والتسويات فوق الطاولة وتحتها، إن على صعيد ما حصل في جلسة انتخاب الرئيس نبيه بري ونائبه وهيئة مكتب المجلس وأميني السرّ، وحيث كانت المشهدية واضحة خلال انتخاب اللجان النيابية، حيث سقط الإتفاق المسبق الذي كان يحصل بين الكتل النيابية أكانوا حلفاء أو خصوم متواجدين تحت قبّة البرلمان، وكانت النتيجة، تعيين جلسة ثانية لاستكما تشكيل اللجان.
في السياق، علم أن كل المساعي واللقاءات التي جرت بين النواب السياديين والتغييريين والمستقلين، وكذلك من بعض المكونات الأخرى، لم تؤدِّ إلى إرساء توافق على صيغة توافقية في توزيع اللجان النيابية أكان على صعيد رئاسة اللجان أو المقرّرين والأعضاء، إذ أصرّ نواب كتلة «التغيير» على الإنتخاب، وهذا ما أجمعوا عليه خلال لقاءاتهم مع زملائهم من القوى الأخرى، إن من «القوات اللبنانية» أو «اللقاء الديمقراطي».
وعلى خط موازٍ، ثمة تساؤلات في أوساط نيابية، حول ما إذا كان ذلك سيسري على تسمية الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة العتيدة، أم سيحصل توافق كما كانت الحال في الدورة الثانية لانتخاب نائبٍ لرئيس المجلس النيابي عندما صوّت نواب كتلة «التغيير للنائب الدكتور غسان سكاف، وتشير الأوساط، إلى أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد اتصالات مكثّفة بين نواب كتلة «التغيير» والكتائب و «القوات اللبنانية» و «اللقاء الديمقراطي» والمستقلين من أجل التوافق على الرئيس المكلّف في حال لم يكن الرئيس نجيب ميقاتي على رأس حكومة تصريف الأعمال، أو سيعاد تكليفه لتشكيل حكومة جديدة، وفي هذا الصدد تبدي الأوساط تفاؤلها بأن هناك توافقاً بين هذه المجموعات على مفاصل أساسية في إطار الإستحقاقات الدستورية، أي استحقاقي الحكومة وانتخابات رئاسة الجمهورية، والإجماع حول هاتين المسألتين وارد بين هذه التكتلات النيابية، ولكن لا يمكن لكتلة نواب «التغيير» بأن تساير في مسائل تُعتبر من المسائل أو القضايا التي كانت تسلك طريق التسويات، كما كان يحدث في الإستحقاقات السابقة
وفي هذا الإطار، تكشف المصادر، بأن ما يحصل اليوم في سياق اللقاءات والمساعي الجارية بين نواب كتلة «التغيير» والمستقلين إلى كتلتي «القوات» واللقاء الديمقراطي، إنما يهدف إلى التوافق حول الإستحقاق الحكومي ولاحقاً ثمة تحضيرات تشير بإمكانية حصول لقاء موسّع لهذه التكتّلات، كي لا تتكرّر حالة الضياع والتشتت التي شهدتها جلسة انتخابات رئاسة المجلس، في حين أن هناك مؤشّرات تصبّ في خانة إعادة تموضع بعض النواب خارج كتلهم الحالية لجملة اعتبارات وظروف منها على خلفية نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة، وأيضاً ربطاً بالمتغيّرات التي حصلت في الأجواء السياسية على مستوى البلد، وصولاً إلى أن ما يجري اليوم على الساحة الداخلية لم تتّضح معالمه اليوم، إن من خلال دور المجلس النيابي، أو على صعيد الإستحقاقات القادمة.
وتكشف الأوساط النيابية، عن تباينات كبيرة بدأت تظهر معالمها، وذلك عبر ما حدث خلال جلستي المجلس النيابي الأولى والثانية، إذ أن بعض النواب لديهم عتب على عدم الأخذ برأيهم خلال تسمية المقرّرين وأعضاء اللجان، فثمة من تمّ استبعادهم من لجان كانوا ينوون الدخول إليها، ولهذه الغاية، فإن هذه الإصطفافات والتباينات ستبرز لاحقاً في الإستشارات النيابية الملزمة، ممّا يعيد خلط الأوراق على صعيد تسمية الرئيس المكلّف، وعليه يظهر وبفعل هذه المؤشرات أن الأكثرية ليست في جيب أي طرف نظراً لتشتّت الكتل والإرباك الذي يسيطر على معظم النواب المستقلين والتغييريين.