IMLebanon

الاستراتيجية السعودية الجديدة

يتابع الإسرائيليون بكثير من الاهتمام التغيرات التي طرأت على الاستراتيجية السعودية في المنطقة، وهم مقتنعون بأن المملكة تمر حالياً بمرحلة حساسة تدفعها الى وضع أسس استراتيجية جديدة للتصدي للمخاطر التي تتعرض لها جراء صعود نفوذ إيران الإقليمي وتفاقم الصراع الشيعي – السني من جهة، ونمو خطر الارهاب الإسلامي المتشدد من جهة اخرى.

ويرى أكثر من محلل إسرائيلي أن وراء الاسترتيجية الجديدة خيبة الأمل السعودية من سياسة إدارة الرئيس أوباما في المنطقة، في العراق وسوريا، وبصورة خاصة بعد توقيع الاتفاق النووي الذي اعاد إيران الى حضن المجتمع الدولي وكرّس دورها الإقليمي. وفي رأي هؤلاء أن تلكؤ الأميركيين عن دعم حلفائهم في المنطقة دفع المملكة الى الشعور بأن عليها من الان وصاعداً الاعتماد على نفسها، والعمل على ترسيخ زعامتها في العالم السني المعتدل على الصعيدين السياسي والعسكري في آن واحد.

وقد تكون المواقف من الحرب السورية أفضل نموذج للاستراتيجية السعودية الجديدة. ففي غضون أسبوع واحد استضافت الرياض مؤتمراً للمعارضة السورية للبحث في مستقبل التسوية السياسية في سوريا، وأعلنت عن تشكيل تحالف إسلامي جديد لمحاربة الارهاب الإسلامي المتطرف السني والشيعي على حد سواء والذي جمع أكثر من 33 دولة إسلامية عربية وغير عربية بينها لبنان. وهي في الوقت عينه سعت الى توطيد علاقاتها مع حكم السيسي في مصر من خلال دعمها الاقتصادي له، واقنعت السودان بقطع علاقاته مع إيران، وتبدو من خلال تحركها في لبنان انها لم تفقد الأمل في استعادة نفوذها في هذا البلد الذي يخضع للتأثير القوي لإيران من خلال الدور المركزي الذي يضطلع به “حزب الله” في الحياة السياسية وقوته العسكرية التي تجعله قادراً على التحكم بمستقبل لبنان.

من خلال اعلانها عن التحالف الإسلامي الجديد ضد الارهاب تكون المملكة قد ردت على الانتقادات الغربية الموجهة اليها في هذا الشأن، واعلنت الحرب ليس على تنظيم “داعش” فحسب بل على جميع التنظيمات الإسلامية الراديكالية التي تعتبرها ارهابية ومنها أيضاَ جماعة “الإخوان المسلمين” و”حزب الله”.

قد تشكل الاستراتيجية السعودية الجديدة في المنطقة بداية مرحلة مختلفة في التعامل السعودي مع مشكلات المنطقة الناتجة من الاضطرابات التي تعصف بالعالم العربي حالياً وتصاعد الخطر الجهادي. والسؤال هو: هل اذا نجحت هذه الاستراتيجية في تحقيق انجازات على صعيد الأزمة السورية واستطاعت وقف حرب اليمن، ستتصدى لاحقاً لمعالجة النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني الذي فشلت إدارة أوباما طوال ثماني سنوات في ايجاد حل له؟