النكبة الأمنية الجديدة
طبعاً، ليست النكبة الأمنية، سهلة.
لا هي نكبة البرامكة في العصر العباسي.
ولا النكبة السابقة بين المسيحيين.
ولا النكبة الحالية بين السنّة والشيعة.
وحسناً فعلت القيادات، عندما تركت الموضوع للمعالجة والتحقيق.
وهذا، ليس رأي السلطة، ولا دعوة صدرت عن وزير الدفاع المهندس سمير مقبل.
ذلك، ان الرجل يهمّه الأمن اللبناني، لأنه يتكفّل بمعالجة الخلافات اللبنانية.
وهو يمسك بالملف الأمني، ويتعهد المصالحة اللبنانية، وينصرف الى معالجة الفجوات الأمنية، ويرعى المصالحات على مختلف الصعد.
ووزير الدفاع ليس مجرد نائب رئيس مجلس الوزراء، بل رجل المواقف وصاحب التوافق، ويحرص على رعاية المصالح العامة، ايماناً منه، بأن لبنان على مختلف تنوعاته السياسية، بلد فريد من نوعه، في الحرص على جمع الشتات بين اللبنانيين، وعلى وأد الأغراض والمنافع الخاصة، ايماناً منه بأن لبنان هو رمز أساسي لنبذ المصالح الآنية، وتغليب الوحدة على الشتات.
تقلقه النكبة الأمنية الجديدة، وتخيفه الصراعات المذهبية، لكنه لا يخاف على ارادة الجمع بين اللبنانيين.
وعندما دعا القاضي صقر، أهاب بالجميع ترك التحقيق القضائي يبلغ مداه، لأن الحقيقة لا تظهرها إلاّ التحقيقات القضائية المنزهة عن أي غرض.
كان الرئيس سمير مقبل طوال يوم أمس، ينكبّ على المعالجة، ويواصل الاتصالات أو يسارع رئيس الحكومة على الاتصال به.
أما شعاره الدائم فهو عدم الايغال في التكهنات، وتجنّب التسرّع في لفظ ما ينكشف أمامه من معلومات، لأن هدفه الأكبر، الحصول على معلومات مدروسة، وان تكون التحقيقات غنيّة بالمعلومات لا بالنظريات.
هكذا، كان إبّان معالجة الحرائق في جعيتا، وفي تلقف ما يتسنى له من معارف.
ولعله، في حصوله على المعلومات، في شأن الطائرات والهبات الروسية، كان لديه ما يُغني المؤسسة العسكرية بروافد العلم والخبرة.
وهنا تكمن الموضوعية في البحث عن الحقائق في زمان ضياع المعلومات.
سمير مقبل عرف بتجرّده، وإنكبابه على التفاصيل، كيف يجعل من الدولة سلطة مسلّطة على الأزمات، لا مجرّد حوادث غامضة تتسلّط على السلطة.
وبحكم ذلك حكم سمير مقبل على الأحداث، بأن هدفها إنهاك لبنان بالقضايا الصعبة، وجعلها تتنقّل من ملف الى ملف، وتستقر على استقرار أمني وسياسي ونفسي للبلد كله.
من أجل ذلك، أمسك الرئيس سمير مقبل بتلابيب الأزمة في جعيتا صباحا، وفي شارع فردان مساء، ورائده هدف واحد: كبح جماح التصعيد بالحرائق حيناً في جعيتا، وبالتفجير في جوار بنك لبنان والمهجر أحياناً.
وهذه هي مهمة وزير الدفاع، في بلد غارق بالحوادث والنكبات المتواصلة.