IMLebanon

المعركة التالية للجيش «تطهير المخيّمات»

حقق الجيش اللبناني الإنتصارات في مراحل المعركة التي يخوضها ضد تنظيم «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع، وقام بدحر الإرهابيين وتمكّن من تطهير الأرض منهم وإعادة الهيبة للدولة التي باتت تسيطر على كامل الحدود الشرقية والشمالية، والسؤال المطروح: ماذا بعد؟ وهل سيتمكّن الإرهابيون من العودة الى الجرود أو التسلّل الى داخل المناطق اللبنانية؟!

أوساط سياسية عليمة أكّدت أنّ الجيش بعد معركته الحالية سيواصل معاركه الأخرى – إذا صحّ التعبير – الأقلّ وعورة والأكثر دقّة وحزم، على الجبهة الداخلية بهدف التنظيف الكامل للبنان من الإرهابيين. وعلى أساس ذلك سوف يستكمل عمليات دهم المخيمات الفلسطينية من جهة، ومخيمات النازحين السوريين من جهة ثانية، التي انطلقت قبل معارك الحدود، من أجل إلقاء القبض على كلّ متورّط أو على علاقة مع التنظيمات الإرهابية من قريب أو بعيد.

كذلك فلا خوف بعد تطهير الجرود على عودة التكفيريين اليها أو محاولة التسلّل الى المناطق اللبنانية عبر المعابر غير الشرعية، على ما طمأنت الاوساط، لا سيما وأنّ الجيش سيتسلّم زمام الأمور وسيبسط سلطته على كامل الأراضي والحدود الشرقية والشمالية، وسيعمل تباعاً على إقفال كلّ هذه المعابر التي كانت طريقاً سهلاً لتسلّل الإرهابيين عبرها من الحدود السورية الى الحدود اللبنانية. وشدّدت على أنّ الدول الغربية التي راقبت انتصارات الجيش المحقّقة على حدوده وكيف أنّه دحر الإرهابيين خلال أيام قليلة بعد أن أصبح مجهّزاً بالأسلحة اللازمة عن طريق المساعدات العسكرية الأميركية له، ستقف الى جانبه لتأمين كلّ ما يلزمه من معدّات وأبراج مراقبة وأجهزة حديثة لحماية حدوده بشكل مطلق.

فبعد المساعدات الأميركية للمؤسسة العسكرية، والمساعدات السعودية المجمّدة، والإيرانية التي لم يجرِ البحث بها جديّاً بعد، تدخل المساعدات الروسية قريباً على الخط اللبناني، على ما كشفت الأوساط نفسها، خصوصاً لمساعدة الجيش في حماية الحدود اللبنانية – السورية بعد بسط سلطته وعناصره هناك. وهذه المساعدات المقبلة لن توافق عليها الحكومة اللبنانية إذا ما كانت مشروطة لأنّها حتى الآن علّقت كلّ هبة عسكرية من هذا النوع.

كما سيُطلق الجيش والأجهزة الأمنية المعنية كلّ عملية داخلية تؤمّن حماية الأمن والإستقرار في البلاد، وبيد من حديد دون الأخذ بالإعتبار ما كان يُثنيه سابقاً عن القيام بمهامه في بعض الأماكن التي لم يكن قد اتُخذ القرار السياسي بشأنها. ولكن بعد اليوم، فإنّ الأمن الداخلي سيكون فوق كلّ اعتبار بالنسبة لاتخاذ القرارين السياسي والعسكري المناسبين للبلاد. ولهذا، فلن يُقصّر الجيش في استعادة هيبته في الداخل والخارج من أجل الحفاظ على سلامة شعبه وأمن بلاده.

من هنا، فإنّ كلّ الخلايا الموجودة والتي لا تزال نائمة داخل المخيمات أو خارجها، عليها مغادرة لبنان سريعاً إذا ما شاءت الحفاظ على سلامتها وعدم العودة اليه مجدّداً، خصوصاً وأنّ الحكومة قد حيّدت نفسها عن الصراعات الإقليمية، والصراعات العربية- العربية. أمّا في حال أرادت البقاء، على ما شدّدت الاوساط، فسيكون نصيبها إلقاء القبض عليها من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية التي سيكون عنوان مرحلة مهامها المقبلة: «تطهير الداخل من الخلايا النائمة والإرهابيين».

أمّا الهدف الأساسي تضيف الاوساط فهو إحباط كلّ العمليات التي كانت الشبكات الإرهابية تنوي القيام بها في المناطق اللبنانية كافة من أجل توتير الوضع الأمني وإثارة الرعب في نفوس المواطنين. أمّا هذا فلن يحصل اليوم، على ما اكدت الاوساط، خصوصاً بعد أن قامت الأجهزة بتفكيك عدد كبير من الشبكات الإنتحارية التي كانت تُخطّط للقتل والتدمير في مناطق عدّة في البلد. ومن المتوقّع أن تكون مهمّتها أسهل مع اتخاذ القرار السياسي الداخلي، ومع تشتّت قادة التنظيمات التي كانت تربض على الحدود الشرقية والشمالية اللبنانية، وبالتالي عناصرها التي تأخذ الأوامر منها.

كما أنّ أزمة النازحين السوريين وضرورة عودتهم الى المناطق الآمنة والمستقرّة في بلادهم ستترافق مع مسألة تحقيق الأمن الشامل، لا سيما إذا ما اكتشفت الأجهزة الأمنية شبكات أخرى تُخطّط داخل بعض المخيمات السورية الأخرى. وتتوقّع الاوساط أن تكون مهمة الجيش أسهل خصوصاً إذا ما قامت المجموعات بالفرار حفاظاً على حياتها.

ولكن في مطلق الأحوال، أكّدت الأوساط نفسها أنّه لن يبقى شيء يُعكّر صفو الأمن في هذا البلد، فالقرار قد اتُخذ، وبدأ التنفيذ مع معركة الجرود، ما من شأنه أن يجعل الحكومة تتفرّغ لإنجاز الإنتخابات النيابية في أيار المقبل من دون أي تأخير أو تأجيل جديد. كما أنّ الحكومة الحالية التي ستواكب هذه الإنتخابات ستضع في أجندتها أيضاً تخفيف أعباء النزوح عن كاهلها وكاهل المواطنين اللبنانيين في أسرع وقت ممكن. فالمساعدات التي تدفعها الدول المانحة للمنظمات الدولية من أجل إعانة النازحين السوريين في لبنان، لم تعد تكفيهم خصوصاً مع زيادة أعدادهم بفعل الولادات التي تتكاثر شهراً بعد شهر. ولهذا فإنّ العودة الى المناطق المستقرّة في بلادهم قد تُخفّف الكثير من التكاليف على الدول المانحة نفسها، كما على المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، على ما أوضحت الاوساط، ولهذا على الأمم المتحدة مساعدة لبنان على إعادتهم، وليس على عرقلة هذه العودة بحجة تأمين الظروف المناسبة في الوقت الذي تعتمد فيه على النازحين كورقة رابحة تستخدمها في وجه النظام السوري. علماً أنّ أحداً لم يعد يقول بسقوطه في المرحلة المقبلة.

ولفتت الاوساط، الى أنّه لا يمكن للبنان معرفة الأمن والإستقرار إذا لم يقم الجيش والأجهزة الأمنية بعملية التنظيف الكاملة، فلا شيء غيرها يعيد الوضع الداخلي في البلد الى ما كان عليه قبل النزوح والإرهاب. وإذا كان المجتمع الدولي يريد فعلاً الحفاظ على الأمن والهدوء في لبنان، على ما ينقل موفدوه، فعليه إذاً مساعدة الحكومة على تحقيق كلّ ما يصبّ في مصلحتها وفي مصلحة إعادة الأمن الاستقرار للبنان والمنطقة والعالم.