IMLebanon

كابوس الملفات المفبركة: من يحمي اللبنانيين؟

 

الواقع أغرب من الخيال. لا فقط في بلدان الأنظمة الشمولية والتوليتارية في العالم العربي والعالم بل أيضا في لبنان والبلدان الديمقراطية والعالم السفلي لأجهزة الأمن في الغرب الأميركي والأوروبي. سيناريو تركيب معلومات واتهامات مفبركة بالعمالة لاسرائيل في حق الممثل زياد عيتاني أفظع من أي فانتازيا في غرائب أفلام هوليوود. ما فعله الغستابو والشتازي وسواهما من أجهزة الرعب بتلفيق التهم وارسال العلماء المعارضين الى مصحّات الجنون أفظع من الأجواء السوداوية في رواية المحاكمة لغرائز كافكا. حتى الرجل الذي لم يكن أي مسؤول يستطيع دخول شقة ستالين في الكرملين من دون المرور به، فان بيريا بغمزة من ستالين سحب زوجته وأمر باعدامها بتهمة انها ميّالة الى تروتسكي، ثم أرسل صندوق فاكهة الى بناتها. ولا حدود للضرر الذي وقع، مع ان له سوابق أيام محنة لبنان. لا فقط على كرامة زياد عيتاني وسمعة الأجهزة الأمنية والثقة في القضاء وهيبة السلطة بل أيضا على كل لبنان وكل لبناني. وهو ضرر لن يحدّ منه ان يدفع أبطال الفضيحة الثمن بعد كشف الحقائق كاملة. ولا حتى ان يحدث ما ليس من عادات السلطة، وهو ان يتحمّل مسؤولون المسؤولية.

ذلك ان السؤال – الكابوس حاليا هو: ما الذي يحمي أي مواطن سواء كان مثقفا أو فنانا أو سياسيا في المعارضة وبعض الموالاة من تركيب ملف مفبرك له يمسّ كرامته وشرفه وحقّه؟ من يحمي حرية الانسان من القدرة التقنية في العالم الرقمي على الدخول في حساباته والايحاء انه يتراسل مع الأعداء وحتى تزوير اعترافات تبدو كأنها أصليّة؟ حكومة استعادة الثقة؟ مرحبا ثقة بحكومة تمرّ ألعاب الأجهزة الداخلية والخارجية من ورائها وتحتها، وهي مشغولة مثل مرتا بأمور أخرى. المجلس النيابي الجديد بعد الانتخابات؟ مرحبا انتخابات تصوّت فيها الطوائف بلوكات كأن الاقتراع إحصاء سكاني للطوائف والمذاهب.

القوى الاقليمية والدولية؟ حالنا أسوأ من تحمل نكتة سوداء. فهي قوى تتدخل وتعلن انها لا تتدخل في شؤون لبنان الداخلية. ونحن نهلل حين تتدخل، ونقلق عندما يقلّ منسوب التدخل، ويكاد يكون شعارنا: نرجوكم المزيد من التدخّل. أليس الهمّ الكبير للمسؤولين حاليا هو السباق مع الوقت للاتفاق على اصلاحات يطلبها المجتمع الدولي كشرط لتقديم المساعدات أو حتى للاستثمار في لبنان؟ أليس الخلاف على صفقات بين قوى تصرّ عليها وقوى تعترض أقوى من التحالفات الاستراتيجية والمصلحة الوطنية العليا؟

زياد عيتاني يستطيع استرداد كرامته وحقه. لكن المطلوب مراقبة ومحاسبة لضمان الانتظام العام والنزاهة في ممارسة السلطة بما يجعل اللبنانيين يحافظون على كراماتهم والحقوق.