Site icon IMLebanon

القطبة غير المخفية… الموازنة أولاً ثم السلسلة والإيرادات الضريبية

ليس من باب الصدفة أنْ يدعو رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى طاولة حوار اقتصادية بعد غد الإثنين في القصر الجمهوري في بعبدا، فلو لم يستشعر بالخطر الداهم على الوضع الإقتصادي في البلد، ولو لم يستشعر بأنَّ خزينة الدولة في وضع يرثى له، ولو لم يستشعر صرخات جميع فئات المجتمع، سواء من أرباب عمل أو من عمال، لَما كان أقدم على هذه الخطوة التي تُعتَبر الأولى من نوعها.

فلبنان سبق أنْ اعتاد على طاولات حوار تُعقَد في القصر الجمهوري، أو في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، لكن أن تُعقد طاولة حوار اقتصادية فهذا يعني أنَّ هناك حالة طوارئ اقتصادية، وهل أفضل من رئيس الجمهورية أنْ يدق ناقوس الخطر للمعالجة؟

في الدعوة، لا بد من التوقف عند التوقيت والمضمون والمدعوين:

ففي التوقيت، تأتي الدعوة قبل انقضاء المهلة المعطاة لرئيس الجمهورية لتوقيع القوانين، أو لردِّها إلى مجلسِ النواب، أو ترك المهلة تمضي فيصبح القانون نافذاً.

مجلس النواب كان أقرَّ السلسلة والإيرادات الضريبية في 18 و19 تموز الماضي، وتمت إحالة القانونين المصدقين إلى رئاسة مجلس الوزراء بتاريخ 24 – 7 – 2017، وبحسب الدستور وتحديداً المادة 56 منه، فإنَّ أمام رئيس الجمهورية مهلة شهر لتوقيع القوانين، هذه المهلة تنتهي في هذه الحال في 24 آب الحالي.

هكذا يكون الأسبوع المقبل أسبوع الخيار والأسبوع الذي يليه أسبوع القرار، فماذا يمكن أنْ يكون عليه؟

في قراءة لِما صدر عن قصر بعبدا، فإنَّه يمكن استشفاف ما يمكن أن يكون عليه القرار. فقد جاء في بيان الدعوة:

سبق لي، من موقعي ودوري وقَسَمي الدستوري، أنْ نبّهت، في أكثر من مناسبة عامة وموقف معلن، إلى ضرورة إقرار مشروع قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة لسنة 2017، قبل إقرار القانونين أو بالتزامن معهما أي قانون السلسلة وقانون الإيرادات ما من شأنهِ أنْ يعيد الإنتظام المالي العام إلى ما يجب أنْ يكون عليه في الدول، التي تعاني من مديونية عامة متعاظمة تثقل ماليتها العامة بأعباء تتآكل معها قدرات هذه الدول بتحقيق نموٍ فعلي ومشاريع إنمائية ودورة إقتصادية تعود جميعها بالفائدة على الشعب الذي هو مصدر كل سلطة وسيادة.

إذاً، القطبة المخفية ليست مخفية، بل هي موجودة في النص:

ضرورة إقرار مشروع قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة لسنة 2017 قبل إقرار القانونين أو بالتزامن معهما.

إذاً، مَن يريد السلسلة والإيرادات، عليه الإسراع في إقرار الموازنة.

هذه هي خارطة الطريق، وفي ما عدا ذلك تنظير بتنظير ومزايدات بمزايدات.

أما في الحضور، فمن خلال قراءة أسماء المدعوين يمكن استشفاف أهمية اللقاء، فالدعوة وجِّهت إلى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري والوزراء المختصين، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وممثلين عن:

الهيئات الإقتصادية والعمالية والمالية، ونقباء المهن الحرة، والمدارس الخاصة، والمعلمين في المدارس وأساتذة الجامعة اللبنانية.

ومن خلال قراءة الأسماء يتبيَّن أنَّ المطلوب وضع الجميع أمام مسؤولياتهم، لأنَّ المسألة تتعلقُ بمستقبل الإستقرار المالي في البلد، الذي هو أساس الإستقرار السياسي.