Site icon IMLebanon

الملف النوويّ إلى الواجهة: هل ستغيّر إيران نظرتها النوويّة؟

 

 

 

الحرب المستمرة بين «حماس» واسرائيل في قطاع غزة، أعادت إلى الواجهة موضوع الملف النووي الايراني. ذلك أنّ «حماس» هي فصيل فلسطيني ولكنه تابع لايران سياسياً وعسكرياً ومادياً. وطبيعي أن يكون للحرب بين اسرائيل و»حماس» انعكاساتها على ايران التي لا يمكن ان تكون بمنأى عن الصراع بل ستشارك فيه بشكل أو بآخر، مباشرة أو بشكل غير مباشر. وفي كل مرة يطرح الصراع بين اسرائيل وايران يتم التأكيد على العامل النووي كسلاح فعّال للتأثير على نتائج الحرب بين الجانبين. على أنّ هذا الواقع يطرح من جديد الملف النووي الايراني منذ انتصار ثورة الامام الخميني ومدى التزام الجمهورية الاسلامية الايرانية بالقواعد التي تضعها الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتي يتوجب على الأسرة الدولية المنتمية للأمم المتحدة أن تتقيّد بها وتنفّذها. وإلاّ اعتُبر ذلك خروجاً على نظام الوكالة وتهديداً للقانون الدولي، وزاد الوضع تأزماً وصعوبة دعوة بعض الأجنحة اليمينية الصهيونية المتطرّفة مؤخراً رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى ضرب قطاع غزة بالسلاح النووي لتحقيق نجاحين في آن واحد: الأول، إلغاء حركة «حماس» عن خريطة القطاع بشكل كامل ونهائي. والثاني، إلغاء القطاع عن خريطة التمرد الفلسطيني ضد دولة اسرائيل.

 

فما الذي يمكن أن تكون عليه ردات الفعل الايرانية ازاء هذا التهديد؟

 

أولاً: النووي الإيراني بين الضرورة والعقيدة

 

يشعر النظام الايراني أنه في مواجهة فعلية مع قوى كبرى لديها أسلحة الدمار الشامل وفي رأسها اسرائيل وترسانتها من الأسلحة النووية. ومن هنا سعى النظام ويسعى للتسلّح بقوة نووية:

 

1 – سارعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى رسم الحدود التي يمكن أن تتصرف ضمنها وبموجبها ايران في سياستها الذرية. سواء في عدد المفاعلات النووية الخاضعة لمراقبة مباشرة من الوكالة الذرية، أم في نسبة التخصيب التي تعمل عليها ايران والتي تصل على الاورانيوم إلى 60% وهو ما يقرّبها من 90% وهي النسبة المستخدمة في تصنيح الأسلحة الذرية. وتذهب الوكالة الذرية إلى أنّ ايران قادرة على تطوير ما يكفي لانتاج ثلاث قنابل نووية.

 

2 – هذا يعني، بالنسبة لمدير الوكالة الذرية رافاييل غروسبي أنّ الوضع في ايران غير مرضٍ على الاطلاق. فهي لم تلتزم بعدد المفاعلات، ولا بنسبة التخصيب المحدودة في الاتفاق الشهير لعام 2015 بين الدول الغربية وايران والذي يحدّد نسبة التخصيب القصوى للاورانيوم بـ15% وقد تجاوزت ايران هذه النسبة غير عابئة برأي الوكالة الدولية.

 

3 – في هذا المجال تبرز مفارقة بين رأي ايران العقائدي الاسلامي في الذرة ورأيها العسكري في المواجهة السياسية وخاصة مع دول تهدد وجودها وفي مقدمتها دولة اسرائيل. ففي حين حرَّم الزعيم الايراني علي خامنئي صنع اسلحة نووية وذلك في فتوى دينية وضعها عام 2000 وعاد وأكدها عام 2019 بالقول: «صنع وتخزين قنابل نووية خطأ واستخدامها محرَّم، ورغم أنّ لدينا تكنولوجيا نووية فإن ايران عزفت عن ذلك تماماً».

 

4 – إلا أنّ الأحداث الأخيرة وخاصة الهجوم الاسرائيلي على السفارة الايرانية في دمشق، جعل المسؤولين في طهران يعيدون حساباتهم في مواجهة اسرائيل وهي مواجهة اذا كانت ستتم، ينبغي أن تنطلق من تغيير جذري في عقيدة ايران الدينية العسكرية وبالتالي تغيير عقيدتها النووية ويجعل امتلاك السلاح النووي أمراً ضرورياً اذا هددت اسرائيل وجود الدولة الايرانية. وفي تصريح لوزير المخابرات الايراني خرازي قال فيه إنّه «في حال شنّت اسرائيل هجوماً على منشآتنا النووية فإنّ ردنا سيتغيّر». وهكذا تتأرجح ايران بين الالتزامات الدينية والالتزامات العسكرية.

 

ثانياً: النووي الإسرائيلي والاستباق المدمّر

 

إنّ الاستراتيجية النووية لدولة اسرائيل واضحة ومعلنة: إنها استراتيجية الاستباق المدمّر. معنى ذلك أنّ اسرائيل مدعوة حكماً لضرب وتدمير كل مسعى لقيام نظام لأسلحة الدمار الشامل في أي دولة هي في حالة مواجهة مع اسرائيل أو يمكن أن تصبح كذلك. وقد جربت ذلك علناً في العراق وسراً في استهدافات داخل ايران.

 

ويعد أفضل تعبير عن الاستباق المدمّر الاسرائيلي هو ما أدلى به وزير الدفاع الاسرائيلي أرييل شارون ونقلته صحيفة معاريف بتاريخ 18/1/1981 وجاء فيه قوله: «إنّ الأساس في سياستنا الدفاعية هو قرار لمنع دول المواجهة أو دول مواجهة محتملة، من الوصول إلى السلاح النووي فهذه المسألة بالنسبة الينا ليست مسألة ميزان الرعب، بل مسألة استمرار الوجود. وسيكون من واجبنا القضاء على هذا الخطر في المهد».

 

… مع أسلحة الدمار الشامل، نحن أمام الحروب المصيريّة – الوجودية في المنطقة!