Site icon IMLebanon

الحريري لن يردع مرة ثانية من صيغة «الوزير الملك» كثلث ضامن مقنّع 

 

يتجه تشكيل الحكومة الى مزيد من التعقيد، بعد ما شهده مطلع الاسبوع الحالي، من تصعيد بين الجهتين المعنيتين دستورياً، بإبصارها النور، وهما رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والرئيس المكلف سعد الحريري، ووصف كل منهما للآخر بـ«الكذب»، وعدم نقل الحقيقة، حول الاسماء والحقائب والعدد للحكومة التي لم تنفع الوساطات الداخلية بولادتها وابرزها ما سعى اليه البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، من اكثر من محاولة لتقريب وجهات النظر، وتوجه اليهما بالانتقاد احياناً، وبالوجدان احياناً اخرى، ان يتطلعا الى الشعب الموجوع بالجوع والفقر والبطالة، كما ان المبادرة الفرنسية لم يحركها صاحبها الرئيس مانويل ماكرون، بل كل ما يطلبه كيلا تموت ان يتفق المختلقون فيما بينهم.

 

فلبننة الحل، الذي سعى اليه الرئيس نبيه بري، ووضعه في اطار الخلاف بين الرئيسين عون والحريري، لم تنجح، لا بل زادت من العرقلة، عبر تصويب القصر الجمهوري على عين التينة، ودحض مزاعمها حول ان الرئيس عون يريد الثلث الضامن والمعطل في الحكومة، بأن الازمة هي حول هذا الثلث الذي كشف عنه الرئيس الحريري في كلمته بذكرى اغتيال والده، وبانه لن يسلم بذلك، وهذا امر من المستحيل القبول به، لان له تجارب مع هذا الموضوع، الذي يعود الى سنوات، ومنذ اول تشكيل حكومة بعد اتفاق الدوحة، وانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية من ضمن تسوية داخلية لحل الازمة، بقبول اميركي وفرنسي ومصري، وعدم ممانعة سوريا، وموافقة ايران، ودون استعمال السعودية لـ«الفيتو».

 

تشكلت الحكومة الاولى في عهد الرئيس سليمان وترأسها فؤاد السنيورة لتحضر للانتخابات في العام 2009، وشكل الحريري اول حكومة يترأسها بعد وراثته «للحريرية السياسية» بعد وفاة والده، اذ سهّلت المصالحة السعودية ـ السورية، وصوله الى رئاسة الحكومة، وانتقاله الى دمشق لمصالحة الرئيس السوري بشار الاسد، لكن في حكومة الحريري زرع وزير ملك هو عدنان السيد حسين، الذي اعتبر من حصة رئيس الجمهورية، الا انه كان وزيراً مقنعاً «للثنائي الشيعي» (حركة امل وحزب الله)، وعندما حان وقت ان يتحول الى الثلث المعطل، وجرى استخدامه، بتقديم وزراء «امل» و«حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، استقالاتهم من الرابية مع الوزير الملك، واطيح الحريري مطلع عام 2011، واثناء زيارة له لواشنطن، وفي اللحظة التي كان يدخل لمقابلة الرئيس الاميركي باراك اوباما، تقول المصادر، اذ ان هذه الحادثة ما زالت في ذاكرة الحريري، ان يقال من رئاسة الحكومة، لكنه تخطى ذلك، وأقام تسوية مع «التيار الوطني الحر» لوصول العماد عون الى رئاسة الجمهورية، ويعود هو الى رئاسة الحكومة، لكن هذه التسوية، ازعجت السعودية، التي ظن المسؤولون فيها، وفي مقدمهم ولي العهد الامير محمد بن سلمان، انها فرصة لاستمالة عون الى فريق 14 آذار السيادي، الذي يعتبر نفسه من دعاته منذ عقود، ووافق رئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع على انتخابه عبر «تفاهم معراب»، لانه يعيده الى اصله، وليس «عون التايواني» الذي هو في غير مكانه السياسي الاساسي متحالفاً مع «حزب الله» ومؤيداً للنظام السوري.

 

فالحريري الذي اكتوى من صيغة «الوزير الملك»، ومن التسوية الرئاسية، وما كلفه ذلك، من تباعد سياسي وشخصي ومصالح مع السعودية، يحاول ان لا يكرر الخطأ من جديد، فتلطى وراء المبادرة الفرنسية، وترشح لرئاسة الحكومة تحت سقفها، وحصل على تسميته رئيساً للحكومة من دون اصوات «تكتل لبنان القوي» برئاسة جبران باسيل و«كتلة الوفاء للمقاومة»، ولم تكن تسميته برضى الرئيس عون الذي استبق الاستشارات النيابية الملزمة برسالة منه الى النواب، ليحكموا ضمائرهم، في اختيار الشخص، بعد ان جُرب الحريري، وما اوصلت اليه «الحريرية السياسية» من ازمات، في توجيه الاستشارات، ان لا يتم ترشيح الحريري، الذي لم يعد «يؤمن له» كما قال باسيل، وأنه «يكذب» اعلن الرئيس عون، اذ ان الثقة بين الطرفين معدومة تقول المصادر، اذ يرفض الحريري حكومة يكون لرئيس الجمهورية فيها الثلث الضامن، لانه يقع تحت رحمته في اقالته، ساعة يشاء، كما يعرقل مهام الحكومة، التي عليها انقاذ لبنان، في وقت يريد الرئيس عون ان يكون الوزراء المسيحيون من حصته وهو من يسميهم، ولا يطالب بالثلث الضامن، حيث يتبارز الطرفان عبر الاعلام، حول صحة كلام كل منهما، ومطالب كل طرف يدّعي انه يقول الحقيقة ولا يكذب، اذ يقف كل واحد منهما عند طروحاته، فيسببان المزيد من الازمة السياسية والدستورية وانعكاساتها السلبية على اللبنانيين الغارقين في فقرهم وفقدان ودائعهم، وتوقف اعمالهم، وصرفهم من وظائفهم.