بشعور متناقض، تلقّى طلاب صفوف التاسع الأساسي– البريفيه، في المدارس الرسمية والخاصة نبأ إلغاء الشهادة الرسمية لعام واحد فقط، وفق ما أعلن وزير التربية والتعليم العالي الدكتور عباس الحلبي، مبرّراً القرار بأسباب لوجستية تتعلّق بعدم قدرة القوى الأمنية على تأمين سلامة مراكز الامتحانات.
غالبية الطلاب عبرّوا عن فرحهم بإلغاء شهادة البريفيه، فالعام الدراسي لم يكن عادياً وتخللته سلسلة من إضرابات للأساتذة للمطالبة بتحسين ظروف عيشهم ورفع رواتبهم، خاصة في التعليم الرسمي، بينما أعرب الآخرون عن استيائهم، على اعتبار أنّ الشهادة محطة مفصلية لفرز الطلاب قبل الوصول إلى المرحلة الثانوية أو المهنية أو الإعادة مجدّداً.
ويقول مسؤول تربوي لـ»نداء الوطن»: «إنّ إلغاء شهادة البريفيه سيزيد من تدنّي المستوى التعليمي الذي عانى خلال السنوات الماضية من انتكاسات كبيرة، بدءاً من الأزمة المعيشية مروراً بتفشي جائحة «كورونا» وصولاً إلى إضرابات الأساتذة»، مشيراً إلى أنّ «الشهادة الرسمية هي المعيار الذي يحفظ جودة التعليم ويوحّد الطلاب بين المدارس الرسمية والخاصة، والبوابة الرئيسية إلى التعليم المهني، ناهيك عن حاجة بعض الوظائف إليها».
وإلغاء الشهادة فتح الأبواب على مصراعيه أمام أسئلة مشروعة، يقول المسؤول التربوي، «هل سيرفّع الطلاب وفق العلامات المدرسية، أم بإفادة من دائرة التربية والتعليم، وكيف يمكن المساواة بين طلاب المدارس الرسمية التي تدرج علاماتهم كل فصل بحيث تصبح من المستحيل تغييرها، بينما المدارس الخاصة (لا سيّما التجارية منها) تُدرجها في نهاية العام ما يمكّن الإدارات من تعديلها أو إجراء امتحانات إكمال أو ملحق أو سواهما». ويؤكّد رئيس رابطة التعليم الأساسي حسين جواد «أنّنا ضدّ إلغاء الشهادات الرسمية بكل فروعها ومهما كانت الأسباب لأنّها في نهاية المطاف تساهم في تدنّي العملية التربوية»، قائلاً لـ»نداء الوطن»: «نحن غير راضين عن قرار إلغاء شهادة البريفيه»، معتبراً أنّ «المبرّرات التي أُعلنت في هذا الاتجاه غير مقنعة لا سيّما وأنّ الوزير كرَّر أنّ الامتحانات ستجري وفي مواعيدها»، كاشفاً عن اجتماعات ستعقدها رابطة التعليم ومع الوزير الحلبي من أجل إعلان موقف واضح وصريح من هذا القرار المفاجئ.
واستغرب أمين عام نقابة المعلمين في لبنان الدكتور أسامة الأرناؤوط قرار مجلس الوزراء بإلغاء الشهادة، متسائلاً: «لمصلحة من اتّخاذ هذا القرار؟ وما هو بديل التقييم الذي سيعتمد بعد إلغاء البريفيه»؟ وقال: «في الوقت الذي يذبح فيه المتقاعدون كل يوم ولم يبق أحد من المسؤولين إلا ووصله صوتهم ووجعهم، ولم يجد هذا الصوت وهذا الوجع صدى له في جلسة التشريع التي عقدها المجلس النيابي أخيراً ولم يقرّ البند المتعلّق بهم ولم يأت أحد من النواب على ذكرهم، فيما تتراوح رواتبهم بين مليون ونصف ومليوني ليرة، هذا اذا تمكّنوا من سحبها من البنك. إنّ كل الحجج التي سيقت لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تقنع أحداً. قالوا بداية إنّ هناك نقصاً بعدد المراقبين، تبيّن أنّ الأعداد مكتملة، ثم قالوا إنّ هناك نقصاً بالتمويل، تبيّن أنّ الاعتمادات موجودة، ثم قالوا هناك نقص بالعناصر، تبيّن أنّها كلّها حجج واهية، ويبدو أنّ هناك قطبة مخفية خلف قرار إلغاء البريفيه، وأنّ هناك من لديه أهداف غير تربوية يعيث فساداً بالتربية في لبنان ولا نعرف الى اين سنصل».
والقرار المفاجئ زاد من شعور الاستياء بين طلاب صيدا، الذين انخرطوا في دورات تقوية نظمتها مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة بالشراكة مع الشبكة المدرسية لصيدا والجوار، حيث شارك أكثر من 1300 طالب وطالبة فيها استعداداً للامتحانات الرسمية وتعويضاً لما فاتهم من دروس جرّاء الإضراب في المدارس الرسمية، والأهمّ تحقيق العدالة التربوية مع طلاب المدارس الخاصة.
ويقول الطالب عصام حجازي وهو طالب في إحدى المدارس الخاصة: «إنّ إلغاء الشهادة طعنة جديدة في جسد العملية التربوية، لأنّها الحدّ الفاصل بين التعليم المتوسط والثانوي والبداية الحقيقية لاختيار التوجه بانتظار شهادة البكالوريا الثانية نحو الاختصاص»، بينما اعتبرت الطالبة في إحدى المدارس الخاصة وفاء معتوق أنّ إلغاء الشهادة أزاح همَّاً كبيراً عن صدرها، «لأنّ العام الدراسي لم يكن عادياً وشهد إضراباً لفترة طويلة، «فليس من العدل أن يتعلّم البعض وينجح ولا يتعلّم آخرون ويرسبون».