Site icon IMLebanon

تعديل سعر الصرف الرسمي ليس الحل

 

ينطلق العام 2022 بتخطّي سعر صرف الليرة مقابل الدولار الـ28 الفاً، وبدء الحديث عن تعديل سعر صرف الرسمي من 1507 ليرات الى 3 احتمالات يتمّ النقاش حولها هي 3000 او 6000 او 9000 ليرة، بالإضافة الى رفع الدولار الجمركي وما سيلي من تداعيات كارثية على اسعار السلع، وعلى القدرة الشرائية للبنانيين.

 

 

بالإضافة الى تداعيات سعر الصرف ورفع الدولار الجمركي، هناك خطر انقطاع الانترنت، وفق ما صرّح به وزير الاتصالات جوني القرم، عازياً السبب الى عدم توافر المازوت والسرقات التي تحصل في المناطق والأعطال وانعدام القدرة على تأمين الدولار بسبب عدم وجود آلية للإستحصال عليه من السوق السوداء، وعدم فتح الإعتمادات من قِبل مصرف لبنان».

 

ووفقاً لقرم، فإنّ مصير الإنترنت سيكون كمصير الكهرباء، التي لم يفلح الوزراء المتعاقبون على «الطاقة» بعد بتأمينها، بشكل يوفّر على المواطنين الملايين التي ينفقونها على المولّدات الخاصة.

 

إذاً، الوضع على الصعيد الحكومي هو «راوح مكانك»، في حال بقي مجال للمراوحة، لأنّ المؤشرات توحي بمرحلة أصعب وتدهور اكبر مقبلة عليه البلاد، حيث انّ المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ما زالت في مراحلها الاولى، وفق ما اكّده رئيس الفريق المفاوض الوزير سعادة الشامي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي قال انّه لا يوجد بعد توافق حول الارقام، ولم يقدم الجانب اللبناني خطة للتفاوض.

 

في الموازاة، يحتاج لبنان سنوياً الى 6 مليارات دولار أميركي بالحدّ الادنى للاستمرار في المرحلة المقبلة، بهدف تغطية حاجة الإقتصاد والمالية العامة. علماً انّ سلامة سبق وشدّد على انّ الحاجة تتراوح بين 12 و15 مليار دولار «لينطلق الاقتصاد مجدداً ويستعيد الثقة»، في وقت تراجع فيه الاحتياطي الإلزامي بالدولار من 32 مليار دولار إلى «حوالى 12,5 مليار دولار».

 

وبما انّ السيولة النقدية بالعملات الاجنبية لا يمكن تأمينها سوى من خلال توقيع برنامج إنقاذ مع صندوق النقد وجذب الإستثمارات والمساعدات والهبات والقروض من الأطراف الدولية الاخرى، فإنّ الشلّل الحكومي الحالي يجعل الامر مستعصياً، وينذر بكوارث مالية واقتصادية واجتماعية مقبلة.

 

في هذا الإطار، رأى النائب السابق لحاكم مصرف لبنان غسان عياش، انّ «من البديهي أنّ وقف الانهيار المتمادي في لبنان يتطلّب سلوك طريقين متزامنين: من جهة إجراء الإصلاحات التي طال الحديث عنها، ومن جهة أخرى التوصّل إلى اتّفاق مع صندوق النقد الدولي، يلتزم فيه لبنان بإجراء وإتمام الإصلاحات مقابل تعهّد الصندوق بالمساهمة في تمويل خطة النهوض الاقتصادي».

 

وقال عياش لـ«الجمهورية»: «انّ الخطوتين مترابطتان حكماً، لأنّ الصندوق لا يمكن أن يتفق مع الحكومة اللبنانية من دون برنامج إصلاحي، كما يستحيل أن يتمكّن لبنان من القيام بالإصلاحات من دون مساعدة الصندوق. ولا يُخفى أنّ الإجراءات الإصلاحية صعبة ومؤلمة، وقد تؤدّي إلى خضّات اجتماعية وسياسية كما جرى في بلدان أخرى».

 

اضاف: «إذا تعذّر تحقيق الإصلاح لأي سبب كان، لاسيما بسبب عجز النظام السياسي وعدم قدرة الحكومة على الاجتماع واتخاذ القرارات، فمن الطبيعي أن يستمرّ الانهيار الذي شهدناه في العامين الماضيين. فالانهيار ليس له حدود أو سقوف، وهذا ما علّمتنا إيّاه تجارب الدول الأخرى التي تعرّضت لتجارب مماثلة. فالتضخّم يمكن أن يستمرّ ويتفاقم، كما هو الحال في فنزويلا مثلاً، وانهيار سعر الصرف ليس له حدود، فهو يمكن أن يستمرّ إلى ما لا نهاية. ويُترجم ذلك بارتفاع معدّلات الفقر والبطالة والبؤس وانهيار المؤسّسات والمرافق العامّة. الإصلاح وحده بالتعاون مع المصادر الخارجية، قادرٌ على إنهاء الانهيار وبدء مسيرة الخروج من الأزمة. مع العلم، كما ذكرنا، فإنّ هذا الطريق مؤلم وصعب».

تغيير سعر الصرف

 

اما عن إمكانية تغيير سعر الصرف الرسمي، اعتبر عياش انّ «سعر الصرف الرسمي يجب أن يكون هو نفسه سعر الصرف الواقعي، الذي ينشأ في السوق، حيث يلتقي العرض والطلب. خارج هذا الإطار كل سعر للصرف لا يصمد بين المتعاملين في السوق. هناك عنصر إضافي مهمّ لا يمكن إغفاله، وهو أنّ وجود سعر رسمي يقتضي امتلاك مصرف لبنان احتياطات بالعملات الأجنبية تمكّنه من التدخّل في سوق القطع للدفاع عن السعر الرسمي المذكور».

 

واشار الى انّ «إذا كانت احتياطات مصرف لبنان الخاصّة ضعيفة أو معدومة، كما هو الحال اليوم، فسيتنحّى المصرف المركزي عن التدخّل في السوق، ويترك التعاملات للصرّافين وغيرهم من المتاجرين، عندها لن يعود هناك سعر رسمي، بل سعر السوق السوداء كما هي الحال في لبنان اليوم».

 

واعتبر انّ رفع سعر صرف السحوبات المصرفية الى 8000 ليرة، «والذي فرضه مصرف لبنان له فائدة واحدة، أنّه ضيّق الهوّة بين «سعر المصرف» بالنسبة للمودعين، وبين سعر الصرف الواقعي السائد في السوق، أي أنّه يخفّف خسائر المودعين المضطرين إلى تصفية ودائعهم بالعملات الأجنبية.

 

إلّا أنّ هذه الخطوة تبقى مجتزأة وقصيرة المدى ولا تحلّ أية مشكلة. الحل يبدأ بالإصلاح المالي والنقدي والمصرفي الشامل، وأحد بنوده الرئيسية هو توحيد سعر الصرف.