IMLebanon

ثرواتنا بخطر

 

 

ثرواتنا جميعها بخطر، ثرواتنا كلها مُستهدفة، ثرواتنا تُهدر الواحدة تلو الاخرى، ليس فقط ثرواتنا المدفونة في المصارف والمهدورة على الطرقات السيّئة والسدود الفارغة والمواصلات المفقودة والاتصالات المتقطّعة، وعلى المشاريع الفاسدة ومحطات التكرير المتوقّفة والتلزيمات المشبوهة والزبائنية التوظيفية والتنفيعات الدّاعمة لتمويل الدويلة. وثرواتنا الطبيعية أيضاً، التي لم تسلم من الخطر، كالمياه النادرة والشواطئ والجبال والغابات الجميلة والمقصودة سياحياً. أضف إلى ذلك أخيراً، ثرواتنا النفطية والغازية المتوقّع اكتشافها، فهي أيضاً تحت مرمى الدويلة الغازية والفاسدين الجشعين.

 

وكما خدعت منظومة التحالف بين الدويلة والفساد الشعب اللبناني سابقاً وخدّرته لسنوات بتطميناتٍ حول الليرة والودائع، ليتبيّن لاحقاً أنّ التماسك المالي كان وهماً القصد منه تربيح المنظومة الوقت الكافي للحفاظ على تحالفها، فكذلك الآن، التبشير بقرب الاستفادة من نعمة الاستكشاف النفطي ليس الا محاولة تبنيج خبيث للشعب الفاقد لأمواله والباحث عن العيش الكريم، لايصاله للاستسلام مُجدّداً أمام الوعود الكاذبة.

 

فالثروة النفطية عرضة للسلب من الطغاة والفاسدين والجشعين والسلطويين ذاتهم الذين اقترفوا الخطايا سابقاً، فمن نهبَ ثروات اللبنانيين المتعدّدة والكثيرة لن يتوانى عن الاستمرار بجرائمه المعهودة الآن، ومشروعه الخبيث لم ينته، وخصوصاً أنه يُعاني من ازماتٍ تمويلية في الوقت الحالي، فهو بحاجةٍ قصوى للتعويض بسرقاتٍ بديلة تسدّ له النقص الحاصل من تجفيف الموارد السابقة.

 

ما وهبنا إيّاه الرب، سلبنا إيّاه الشرّ، فمحور المُمانعة المُمتدّ من طهران وحتى الضاحية الجنوبية من بيروت، مستمرّ بسياسات وضع اليد على كافة أرزاق الشعب اللبناني وممتلكاته، وكما سلبَ القرار اللبناني السياسي الداخلي والخارجي لسنواتٍ طويلة، يستمرّ الآن بسياسات مصادرة ما يعتبره تمويلاً لأنظمته الفاشلة والفاسدة والظالمة والطاغية. ما وهبنا إيّاه الرب من طبيعة جميلة ومن خيراتٍ وموارد، أباده محور المُمانعة الخبيث بسياساته الكاذبة والتدجيلية، وما أنجزه الشعب اللبناني الحضاري في العلوم والفنون والنجاحات الطبّية والتجارية والصناعية، قضى عليه محور التخلّف، فدجّنه وحوّله من ثقافة الانتاجية الى مفهوم الزبائنية.

 

لم أشعر يوماً بالخطر المحدق بثروتنا النفطية بقدر ما شعرت به في ذلك اليوم الذي شهدت فيه ممثّلي السلطة يقتربون من منصّة الحفر البحرية. فالحقيقة المرّة التي لا يُمكننا الا أن نلتفت لها تظهر بوضوح الفرق بين نظرة المواطن والسياسي اللبناني السيادي والشريف والصالح لمنصّة الحفر من جهةٍ ، فيعتبرها «القيامة للوطن والخلاص الآتي من الرب»، وبين نظرة المنظومة التي تعتبرها منفذاً جديداً للهروب من يوم الحساب، من جهة أخرى.

 

ثرواتنا حقيقةً بخطر، وحاميها بخير، والحسرة التي انتابتنا في السابق حين لم نستطع ايقاف النزف المالي والسياسات والقرارات السابقة الخاطئة التي اضاعت ودائع اللبنانيين وأموالهم، لن نسمح بالمرور بها مُجدّداً، فإنّنا، وإن كان تقديرنا المُسبق لكلفة الانهيار الذي يشهده لبنان نتيجة تحالف الدويلة والفساد كبيراً جداً، ولكننا لم نستطع ايقافه لأنّه تفوّق علينا سلطوياً ومؤامراتياً، ولكننا حالياً واعون تماماً لخطورة النيات المُبيّتة لدى تحالف المنظومة ومشروعها الاقليمي على الثروة النفطية والغازية اللبنانية. الفارق بين المرحلة السابقة والمرحلة الحالية تكمن في قدرتنا الحالية على المواجهة، والتي كبرت وتدعّمت وتنامت، ولذلك فمقاومتنا السياسية الثابتة ضد مكائد الدويلة تصب لصالح تحرير قرار البلاد من سيطرتها، ومقاومتنا الحكيمة البرلمانية والقانونية ترسم خط الحماية للنفط الوطني وتُراكم الخطوات للدفاعية ضدّ جشعها اللامنتهي، وأسألتنا البرلمانية حول عمليات الحفر والتي باشرنا بها، ستتكثّف وستتابع بملاحقاتٍ للمتعاونين معها وللعاملين لها. فنحن لهم بالمرصاد، ولن نفتح لهم المجال للهروب من الملاحقات، ونفسُنا طويل جداً لأنّ مصيرنا وبقاءنا مرتبطان بصمودنا.