IMLebanon

من قطع “وان واي تيكت” للعهد؟

 

مع وصول العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا، اختار “التيار الوطني الحر” تكبير الحجر عبر إطلاق تسمية “العهد القوي”، غير آبه انها “ولاية رئاسية Mandat présidentiel في جمهورية برلمانية القرار فيها لمجلس الوزراء مجتمعاً” وليست عهداً. أما “القوة” فهي ليست صفة تُطلق مسبقاً بقدر ما يجب أن تكون نتيجة للممارسة عند انتهاء الولاية الرئاسية. والقوة الحقيقية في المفهوم السياسي العام، ليست بعدد الوزراء ولا حجم الكتلة النيابية ولا حتى بأعداد المؤيدين، لأنها محكومة في آخر المطاف بالأرقام. النمو تراجع، الاقتصاد تراجع، الاستثمارات تراجعت، العلاقات الدولية تراجعت، الدين العام ارتفع، الفساد ضَرَبَ رقماً قياسياً، ناهيك عن الجوع الذي حطّم كل الأرقام.

 

صحيح أن مليونية 19 تشرين الأول 2019 كشفت هشاشة القوة الموهومة، لكن الـ”وان واي تيكت” لما يسمونه “عهداً” قطعها “حزب الله” بسياساته الخارجة عن الانتظام العام والمألوف، والمتناغمة حد التلاحم مع السياسة الإيرانية على حساب المصلحة اللبنانية العليا وعلى حساب رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء. إنها الحقيقة من دون لف ودوران ومن دون قفّازات.

 

“حزب الله” اللبناني الذي أوصل عون إلى قصر بعبدا بعد طول إفراغ، هو نفسه “حزب الله” الاقليمي الذي خرّب على لبنان علاقاته الدولية وصداقاته العربية وإمكانية نهوضه من كبوته الاقتصادية، ما وضع اللبنانيين من كل الاتجاهات المناطقية والتلاوين المذهبية في موضع معيشي صعب وغير مسبوق. فأشعل انتفاضة شعبية غير مسبوقة في مواجهة الجوع، نتيجة سياسة “عكس السير” التي انتهجتها السلطة بقيادة “حزب الله”.

 

حسناً فعلت “القوات اللبنانية” في استقالتها من الحكومة، علماً ان الاستقالة كانت أقوى بكثير لو شاهدنا الرئيس سعد الحريري يتوسط وزراء “الاشتراكي والقوات والمستقبل”، ويعلن استقالة حكومته انسجاماً مع رغبة شعبه، رامياً الكرة في ملعب “حزب الله” ليتدبر أمره ويتحمل مسؤولية سياسته التي أوصلت البلاد إلى هذا الفشل غير المسبوق، والتي أحبطت آمال كل من راهن على وصول العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا، مبشراً بقدرته الخارقة على التغيير، وعلى إصلاح البلاد، كونه “الرئيس القوي” رئيس أكبر كتلة نيابية مسيحية وحليف الحزب الحاكم بأمر السلاح غير الشرعي.

 

فالرئيس ميشال سليمان لم يكن قوياً وفقاً للـ”بارومتر العوني”، ولم تكن لديه كتلة نيابية ولا حزب عابر للمناطق. كان قائداً للجيش، افتتح الحرب على الخلايا الارهابية في جرود الضنية العام 2000، أنجح بحكمته مليونية 14 آذار 2005 من دون ضربة كف، تخطى الخط الأحمر الذي وضعه “حزب الله” في نهر البارد، تسلم الرئاسة بزخم نيابي وتأييد عربي ودولي غير مسبوق ومارس السلطة بتواضع وهدوء ناسجاً أفضل علاقة رئاسية مع رئيس مجلس النواب ورؤساء مجالس الوزراء على تنوعهم… وفي منتصف ولايته الرئاسية أي في مثل هذا التوقيت، وصل النمو إلى الـ 10%، لأنه ببساطة غلّب منطق الدولة ولم يرضخ لإرادة الدويلة عبر إصراره على تحييد لبنان عن صراعات المحاور، وعبر بناء أفضل العلاقات مع المجتمعين العربي والدولي، وعبر إقرار استراتيجية دفاعية تنتزع من الدويلة التفرد بقرار “الحرب والسلم”، وعبر دوره المحوري في إنشاء المجموعة الدولية لدعم لبنان ISG، بالاضافة إلى إصراره الدائم على اعتماد سياسة المعايير في التعيينات الإدارية ورفضه إشراك “أهل البيت” في إدارة شؤون البلاد.

 

ختاماً لا بد من كلمة شكر للسيد حسن نصرالله، المحرك الأساسي للثورات… فبعد خطاب “شكراً سوريا” في 8 آذار 2005 كانت مليونية 14 آذار التي اخرجت المحتل، وبعد خطاب “لن نسمح بإسقاط العهد” كانت المليونية الثانية التي أقفلت على “العهد” بالشمع الأصفر.