عندما انطلق الزعيم أنطون سعادة بحركته السورية القومية الاجتماعية أراد أن تكون للشعب السوري مكانته بين شعوب العالم، وأراد للأمة السورية أن تكون أمة سيدة حرة، أمة تامة، أمة أعطت الحضارة ذخيرة لآلاف السنين، أمة أطلقت الحرف وأطلقت الكتب ونمط حياة في متحدات اجتماعية كانت رمزاً لتقدم الإنسانية.
إستند أنطون سعادة إلى العقل، استند إلى العلم، إلى البحث والدراسة ولم يتوهم شيئا ولم يذهب إلى الأوهام، بل قال لنا جئت أحدثكم عن أمتكم العظيمة التي عليكم أن تبنوا مجدها من جديد، أن تنطلق الأمة السورية بعد ألف سنة وأكثر من الغزوات التي أتت على الأمة السورية ودمرت مكتباتها وقلاعها وعمرانها المدني.
أية أمة في العالم أعطت أكثر من الأمة السورية، وأية أمة أبدعت في التاريخ أكثر من الأمة السورية وأي إنسان على الكرة الأرضية أعطى أكثر من الإنسان السوري، علماً وفناً وجمالاً وثقافة ورقياً، حتى كانت بابل ونينوى وبيترا وجبيل وأوغاريت وصور وفلسطين والقدس رمزا من رموز كثيرة أبدعت فيها الأمة السورية. فدعانا أنطون سعادة إلى نهضة قومية سورية اجتماعية كي ننهض بأمتنا السورية ونرتكز على الأخلاق والمبادئ والمناقبية. وكل سوري لا يحترم مناقب الأمة السورية وحضارتها ليس بسوري بل هو متطفل على الحزب السوري القومي الاجتماعي.
وهو إن أنشأ الحزب، فلكي يحمل الحزب مشروع المبادئ الأساسية والمبادئ الإصلاحية وفي هذه المبادئ تكون الأمة السورية أمة عظيمة تحت الشمس تؤدي دورها من الأهواز إلى سيناء إلى كيليكيا واسكندرون والعراق والشام ولبنان والقدس وقبرص نجمة سوريا المتلألئة في البحر.
عملت الصهيونية على ضرب مشروع الزعيم أنطون سعادة وللأسف خان من خان في الداخل مع الصهيونية وقامت الدول الكبرى بتقسيم سوريا إلى سايكس بيكو ووعدت بريطانيا على لسان بلفور بإعطاء اليهود وطناً قومياً لهم في فلسطين فشردت شعبنا.
وبدل قيام أنظمة محيطة بفلسطين تنقذها، قامت أنظمة ديكتاتورية أنانية عائلية فردية فزادت من نكسة فلسطين نكبات أخرى ومنعت نهضة الشعب السوري في وعيه من أجل نهضة الأمة السورية وعندما حل الوعي وبدأت النهضة السورية القومية الاجتماعية تنطلق وتجري دماؤها في دماء الأمة لم تجد الصهيونية والأنظمة العربية إلا حلاً بالقضاء على هذا الوعي وهو اغتيال واستشهاد أنطون سعادة ابن الـ 45 سنة.
لم يسكن أنطون سعادة في قصر، بل سكن أنطون سعادة في عرزال متواضع جدا من أغصان الأشجار وجلس ينكب على القراءة والكتابة والثقافة، ثم ذهب ليحضر مهرجانات واجتماعات الحزب السوري القومي الاجتماعي، وكان مبشرا بالعقيدة القومية التي اندلعت في صفوف السوريين فأصبحوا سوريين قوميين إجتماعيين، وحارب وعد بيلفور باغتصاب فلسطين، وحارب احتلال كيليكيا واسكندرون من تركيا، وطالب بالأرض السورية، لكن الدول الكبرى الاستعمارية كان مخططها تقسيم سوريا كما يجري الآن في الشام حيث أرسلوا آلاف التكفيريين لتقسيم الشام وإسقاط النظام السوري لمعاقبته على الممانعة وعلى عدم الخضوع لإسرائيل، ولأنه جزء من خط الممانعة ولأنه سلّح المقاومة بصواريخ مضادة للدروع ألحقت مع عزيمة المقاومين والمجاهدين الخسارة الكبرى بالجيش الإسرائيلي في حرب تموز حيث يقولون إن الجيش الإسرائيلي لا يقهر.
أنطون سعادة الظاهرة التاريخية قيمتها العليا أنها أيقظت فينا النبض القومي الاجتماعي. وأنطون سعادة مناقب، لم يقتل، لم يسرق حتى أنه عندما اعترف عند الكاهن برباري في كنيسة المصيطبة قال أنا لم أسبب تعاسة لأحد.
نحن اليوم بحاجة للعودة إلى أنطون سعادة، والعودة إلى سعادة تعني العودة إلى مسيرته الشخصية، إلى نمط الحياة التي عاشها، إلى النضال الذي خاضه، العودة إلى المبادئ التي وضعها، إلى نهضة الأمة السورية على أساس فكر سعادة وعقيدته.
نحن بحاجة للابتعاد عن النيابة والوزارات والسمسرات، نحن بحاجة إلى تطهير الحزب ممن سيطروا عليه بقوة السلاح وليس بقوة الفكر.
إن يوماً سيأتي ولم يعد بعيداً تسقط فيه رموز الفساد وتحاكم أو يرذلها التاريخ أنها إرتكبت وسرقت باسم أعظم نهضة أخلاقية هي النهضة السورية القومية الاجتماعية.
لتحيا سوريا وليحيا سعادة.
شارل أيوب