بات واضحاً ان قضية عرسال وجرودها تعدت القرار اللبناني، اذ من البداية كانت تدخلات السفارات والسفراء، والاتصالات التي انعكست في امكنة كثيرة على قرار الحسم الذي يبقى بيد الجيش اللبناني، لكن الجيش في لبنان يخضع، للقرار السياسي، والقرار السياسي في لبنان، ليس بطبيعته قراراً وطنياً، بدل تدخل فيه العوامل المذهبية والطائفية والتدخلات والتداخلات السياسية، حسابات عواصم، واين تكمن مصالحها في هذه المرحلة، عدا عن ضغط الجماعات التكفيرية وعواصمها من خلال اصوات لبنانية، او غير لبنانية، يضاف اليها التغطية السياسية والاعلامية لبعض القنوات التي تتابع الوضع في جرود عرسال والجماعات المتواجدة في هذه المناطق.
هذا ليس كلاماً تحليلياً، انما معطيات موجودة بين يدي المراجع السياسية والامنية، التي تعرف اين تكمن مكامن العقد الداخلية والاقليمية. لكن بذات الوقت يجب الاشارة بحيادية الى موقف رئيس الحكومة سعد الحريري، يقول العارفون في هذا الملف، فالرجل هوجم بانتمائه الطائفي والمذهبي، وجرى رفع الصوت من اصوات النشاز من داخل الطائفة السنية، تحت عنوان النازحين كما جرى اتهامه، تحت شعارات حقوقية وانسانية، هذا عدا عن الافخاخ الاقليمية الكبرى، والخلافات الخليجية – الخليجية المعني فيها الحريري مباشرة، فالقضية بحيادية كما يقرؤها وزراء ونواب ومراقبون ، ان الحريري تعّرض لضغط داخلي كبير.
في هذا الوقت لا ننسى ان الحريري وتياره، مقبلون على انتخابات نيابية وهناك من يزايد عليه في قضية عرسال وجرودها بين الجيش وحزب الله، بحسب العارفين، وكل ذلك في سبيل كسب انتخابات في الشمال او البقاع الغربي او اقليم الخروب، لذلك اذا ما جرى جمع مختلف الظروف، فان الحريري في موقف سني داخلي لا يحسد عليه، لذلك عندما يعلن الدعم الكامل لأي عملية عسكرية للجيش اللبناني بوجه الجماعات التكفيرية، يعبّر عن موقف وطني، يرى كل هؤلاء انه يجب دعم سعد الحريري فيه.
لكن بذات الوقت الفرصة ذهبية للحريري، ليرفع العبء التكفيري، الذي يرزح على صدر مناطق طائفته بشكل خاص وينعكس امنياً وسياسياً على كل اللبنانيين، ومن المؤكد انه يطلع على المعلومات السرية في التقارير السرية الامنية التي تصل للمراجع، ومنها يستقي المعطيات التي تجعله بعد كل هذه السنوات، يساهم في قرار ضرب الجماعات التكفيرية على الحدود الشرقية، لحماية الامن الوطني. وبذات الوقت يريد ان يتماهى مع الموقف السعودي الخليجي الذي يتناقض مع موقف حزب الله وسوريا، او موقف محور المقاومة. وهو امر طبيعي في الداخل اللبناني المنقسم منذ اللحظة الاولى للعدوان التكفيري – الاميركي والاسرائيلي، على سوريا.
مهما يكن من امر، الواضح ان الجيش اللبناني في جهوزية تامة بالاف العسكريين الحاضرين لخوض وحسم المعركة، مع هذه المجموعات، خصوصاً بعد ان تبيّن، ان امراء الفصائل في جرود عرسال يضّيعون الفرصة تلو الفرصة، من اجل الوصول الى حلول، ويتبين للمعنيين الامنيين، ان الخلفيات شخصية ومادية، اكثر مما هي متعلقة بعمل ثوري او جهادي، كما تبين للمعنيين الامنيين ان بعض امراء الجماعات المسلحة، لا يثقون بجماعاتهم ولا بالممرات التي يمكن ان يؤمنها لهم اقرانهم من الجماعات على الطرقات التي قد يسلكونها، وهنا وضعت الشروط على الجهات اللبنانية، عدا عن قضايا اخرى كلها لم تجد آذاناً صاغية في اذان امراء التكفيريين، رغم المرونة التي ابدتها الجهات اللبنانية، بغية الحل، لأن المسؤولين اللبنانيين السياسيين والعسكريين، هدفهم الحل، وليس بالضرورة حلاً عسكرياً، لكن لهذا المسعى وقت ليس بطويل ويمكن اعتباره ايام قليلة وربما ساعات ، خصوصاً ان الجيش العربي السوري وحزب الله يقومان بالمهمات المطلوبة منهما من الجهة السورية، والجميع يلاحظ عمليات الاستهداف الجوي للطيران السوري، في جرود عرسال منذ ما يزيد عن عشرة ايام، وهو ما يشير بوضوح الى ان التنسيق بين المقاومة والجيش اللبناني من جهة والمقاومة والجيش السوري على قدم وساق، وان دون التنسيق لا يمكن الوصول الى نتيجة سريعة وحاسمة مشرّفة للجيش والمقاومة معاً.
تقول المصادر المتابعة ان الجيش اللبناني الجاهز لخوض المعركة تعلم قيادته انها ترى بدعم حزب الله بعملياتها في الميدان سيكون له اثر كبير في المعركة ضدّ التكفيريين. مهما حاول المغرضين النفخ في روح التمييز بين اللبنانيين،خلال مواجهتهم مع الجماعات التكفيرية التي قتلت من كل الطوائف والمذاهب اللبنانية.