IMLebanon

الكمين الأصلي

 

شكّل إسقاط خيار إحالة ملف “قبرشمون” إلى “العدلي”، وهو مطلب دعمه “حزب الله” لأكثر من شهر، مصدر قوة للرئيس سعد الحريري قبل توجهه إلى واشنطن ولقاء المسؤولين الأميركيين وعلى رأسهم وزير الخارجية مايك بومبيو. ويبذل الحريري منذ أن تشكلت الحكومة جهداً كبيراً لإقناع المجتمعين العربي والدولي بأن لبنان وحكومته ليسا تحت سيطرة إيران، إدراكاً منه أن التسليم بنظرية سقوط لبنان بيد إيران أشبه بإعلان سقوط إدلب بيد القاعدة واعطاء المبرر لروسيا والنظام السوري لقصفها.

 

وتزامناً مع زيارة الحريري بدأ الحديث عن جهة أميركية متشددة تضغط لوقف الدعم الأميركي للجيش اللبناني، وأنها تراه متعايشاً مع “حزب الله” تحديداً على الحدود جنوباً، وبعيداً من حال الجيش الذي يأتمر من حكومة يحكمها بيان وزاري يشرّع وجود “الحزب”، فلا بد من التذكير بحادثة آب – 2018 ربما هي “الكمين الأصلي” ووصل صداها إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن ولم تتم الاضاءة عليها مثلما حصل في “الكمين التقليد” في قبرشمون.

 

“أوقف نحو 20 شخصاً يرتدون ملابس مدنية دورية للقوة مكوّنة من 4 مركبات في قرية مجدل زون بحجة أن القوة كانت تلتقط الصور الفوتوغرافية وحطّم أفراد منهم نوافذ المركبات بالمطارق واطلقوا النار على اثنتين منها، وتم صب البنزين على احداها ما اشعل النيران فيها وأصيب أحد افراد القوة بحروق طفيفة. وتم الاعتداء على الدورية وتوجيه اللكمات الى قائدها وضربه بالعصي وركل وسحل فرد آخر وتصويب اسلحة على افراد القوة الموقتة وانتزاع اسلحتهم. وطلبت الدورية الجيش اللبناني، وتمت سرقة أسلحة وذخائر ومعدات أعاد معظمها الجيش في ما بعد”، هي معطيات أوردها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشأن تطبيق القرار 1701، عن الفترة التي تغطي 21 حزيران إلى 26 تشرين الثاني من العام 2018.

 

استدعى العمل ادانة مجلس الامن وأجرت القوة والشرطة العسكرية الدولية التحقيقات الداخلية وحثت الجيش على متابعة تحقيقاته ومحاسبة الجناة، لكن الملفت أن أياً من المسؤولين عن هذا العمل لم تتم محاسبته أو توقيفه، كما أن القضاء لم يحرّك ساكناً أمام اعتداء عرف به العالم أجمع، خصوصاً أن تقرير الجيش عن الحادثة والذي وصل إلى الأمم المتحدة أيضاً لا يخفي أبداً أن الافراد الذين نفذوا الهجوم “منظمون”، وجاء في تقريره: “إن أفراداً منظمين بعضهم كان يحمل حسب الادعاءات أسلحة هجومية بشكل غير قانوني هم المسؤولون عن الهجوم العنيف الذي تعرض له حفظة السلام”، وسأل الأمين العام للأمم المتحدة في تقاريره عن الفاعلين، مستغرباً غياب أي اجراءات جنائية لتقديم الجناة إلى العدالة.

 

تصرفات “حزب الله” في لبنان وصرف نظر الدولة عنها يشكلان هاجساً لدى الأميركيين والمجتمع الدولي، فإضافة إلى الانفاق الحدودية وخرق القرار 1559، اتت قرارات أميركية تتحدث عن استخدام “حزب الله” للمرفأ والمطار، وعلى رغم ذلك لم تعط الدولة الأمر أي أهمية…