Site icon IMLebanon

الغضب الأرثوذكسي ينصبّ على دياب… وانتفاضة عودة مستمرّة

 

رفع متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة سقف التحدّي، ونجح في جمع المسؤولين في الطائفة تحت سقف المطرانية تحت عنوان واحد “لن نقبل بقضم حقوقنا”، حيث قالوا جميعاً كلمة: “كلا”، لما اعتبروه ظلماً من رئيس الحكومة حسّان دياب بحق طائفتهم.

 

إذا كانت قضية المحافظ زياد شبيب هي “الشعرة التي قصمت ظهر البعير” وجعلت أصوات الأرثوذكس ترتفع، إلا أنّ المسألة تتعدّى هذه القضية لتصل إلى ما يعتبره أبناء الطائفة ظلماً لاحقاً بهم كرّسه دياب أخيراً، حيث يلمسون أنّ دورهم يتضاءل وباتوا على هامش اللعبة السياسية والإدارية في لبنان.

 

صحيح أن الأرثوذكس إنقسموا تاريخياً بين أحزاب اليمين المسيحي والحركات اليسارية، إلا أنهم لعبوا دوراً بارزاً في تطوير لبنان والنهضة الفكرية في العالم العربي أيضاً. وسجّل المطران عودة في إجتماع الأمس في مطرانية بيروت علامة فارقة إذ إنه نجح في جمع أقطاب الطائفة على مختلف ميولهم السياسية فأثبت بذلك أنه المرجعية الروحية الأولى للأرثوذكس في لبنان، ولا ينافسه أي مطران أرثوذكسي آخر ولا حتى بطريرك الطائفة.

 

لكن ما يثير الإنتباه أكثر هو أن النواب والوزراء والمسؤولين الذين يدورون في فلك العهد وأحزاب وتيارات السلطة وعلى رأسهم نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي الذي تلا البيان الختامي ونائب رئيس مجلس الوزراء زينة عكر، وهم في مركز القرار الحكومي والنيابي الذي همّش الأرثوذكس، شاركوا في إجتماع المطرانية وعبّروا عن سخطهم إزاء ما يحل بطائفتهم مثلهم مثل شخصيات المعارضة، ما يدعو للسؤال عما يفعلونه في الحكم ولماذا لا يُظهرون حرصهم على دور الطائفة أثناء التعيينات؟

 

 

 

تطمينات عكر

 

ورفع المطران عودة سقف الكلام داخل الإجتماع وعلى مسامع جميع المشاركين ووضعهم أمام مسؤولياتهم الوطنية وفي ما خصّ طائفتهم، وهو وإن قال في البداية “أنا مسرور بوجودكم هنا وأنتم متكاتفون تحت جناح طائفتكم بغض النظر عن انتماءاتكم السياسية”، سرعان ما انتقل إلى صلب الموضوع والذي أثار غضبه مستعرضاً تهميش الطائفة الأرثوذكسية في مراكز الدولة بالعدد وبنوعية الوظائف، إذ أكّد أن هذا الوضع لم يعد مقبولاً ويجب فعل شيء ما وإلاّ سيستمرّ التهميش ولن يسأل أحد علينا ويجب الوصول إلى حلول جديّة.وركّز عدد كبير من المناقشات على الظلم الواقع في حقّ الطائفة وإستبعادها عن مراكز القرار الأساسي في البلد من دون إقامة أي اعتبار لدورها ولمرجعياتها الموجودة وعلى رأسها مطرانية بيروت.

 

واحتل ملف محافظ بيروت حيّزاً مهماً من النقاش حيث عبّر عدد من الموجودين عن غضبهم من طريقة التعامل في هذا الملف، سواء من ناحية التعامل مع شبيب أو إختيار بديل عنه من دون إستشارة المرجعيات الأرثوذكسية، حيث ركز البعض على أن ظهور ملفات فساد بين ليلة وضحاها أمر يطرح علامات استفهام كثيرة.وأمام موجة الإمتعاض الحاصلة، أبلغت وزيرة الدفاع زينة عكر الحاضرين أنها نالت وعداً من الحكومة بأن التسميات المقبلة للوظائف الأرثوذكسية في الدولة التي ستطرح من قبل الحكومة ستراعي حقوقهم، لكن كل هذه التطمينات لم تطفئ نار الغضب في داخل المطران عودة والشخصيات الأخرى التي أصرت على اتخاذ خطوات أخرى لتبديد الهواجس، في نظام طائفي أراده الأرثوذكس علمانياً لكنهم لم ينجحوا سابقاً.

 

وعلى رغم أن المعلومات تحدّثت عن أن وزير الداخلية محمد فهمي حمل إلى المطران عودة خلال زيارته له الأسبوع الماضي 3 أسماء لتولي منصب محافظ بيروت بدلاً من شبيب وهم: بيترا خوري، القاضي زياد مكنّا والقاضي وهيب دورة وطلب من عودة الاختيار من بين هذه الأسماء، إلا أنّ طريقة التعاطي اللاحقة لم تكن بقدر الإلتزام والوعود، وحصد رئيس الحكومة حسّان دياب الحصّة الاكبر من غضب المجتمعين وعودة، خصوصاً أنهم اعتبروا أنه لم يحترم كلمته ووعوده وتصرّف مع الأرثوذكس كأنهم غير موجودين وأراد أن يُطبّق ما يحلو له، وهذا الأمر إعتبره الأرثوذكس انه موجّه ضدّهم ويجب التصدّي لتصرفات دياب.

 

وبغضّ النظر عن ملف محافظ بيروت، فإن الحاضرين في مطرانية بيروت يدركون أن خطر الإجحاف بحق الطائفة سيستمرّ، وانتفاضة المطران مستمرّة ولذلك تمّ الإتفاق على تأليف لجنة لمتابعة التعيينات المقبلة وإعادة النظر في المراكز التي تمّ الإستيلاء عليها وكانت تدخل ضمن حصّة الأرثوذكس، لأنه حتى لو حلّت قضية محافظ بيروت فإنهم لا يمكنهم النوم على حرير.

 

 

 

البيان الختامي

 

وبعد الإجتماع، تلا الفرزلي البيان الختامي، وقد خرج مراراً عن النصّ للتصويب على ارتكابات دياب بحقّ الطائفة ودعوته إلى التراجع عن سياسته المعتمدة، ومؤكداً أن الأرثوذكس ليسوا طائفة مسلّحة لكنهم يملكون أسلحة كثيرة، داعياً دياب للتعامل معهم مثل بقية الطوائف.

 

وأكد البيان “التمسك بما يعود الى الأرثوذكس من مناصب في الدولة، طالما استمر العمل بالتوزيع المتوازن لهذه المناصب بين أبناء الطوائف والمذاهب كافة، وعملا بأحكام الدستور. ويقتضي هذا التوازن، على سبيل المثال، أن يخصص للأرثوذكس واحد من المناصب الأربعة الأولى في الأسلاك القضائية والعسكرية والأمنية والإدارية والمالية، لان غياب ذلك اليوم يولّد لدى الأرثوذكس شعوراً بالاستضعاف والحرمان”.

 

وأضاف: “لسنا في موقف الاعتراض على قيام السلطات الدستورية المختصة بممارسة حقها في التعيين والاستبدال والنقل في الوظائف العامة، ولكننا لا نرضى بالغبن اللاحق بالأرثوذكس”.

 

وبنبرة حادة أعلن الفرزلي “الإستياء من الإجحاف بحقوق الأرثوذكس الذي جرى في عدد كبير من التعيينات منذ زمن وعلى فتراتٍ طويلة ونطالب بتصحيحه. ونطالب بالتعويض عنه بتعيين أرثوذكسيين من ذوي الكفاءة في مناصب عدة من الفئة نفسها. وينطبق ذلك على المواقع الأخرى التي كان يشغلها موظفون أرثوذكس ثم أسندت إلى طوائف أخرى. كما نطالب بإقرار مراسيم الترفيع الى الفئة الثانية في الإدارات العامة لجميع مستحقيه وملء وظائف الفئة الأولى الشاغرة وإنصاف الجميع. والتأكيد على رفض استبدال موظفين أرثوذكس كبار، دون سواهم من دون أسباب وجيهة”.