IMLebanon

“كمب ديفيد” الآخر

لن يكون الخميس، بعد غد، يوما عاديا في تاريخ المنطقة. فللمرة الاولى، يلتقي رئيس اميركي هذا العدد من القادة العرب، معا، والأهم انهم يدخلون “كمب ديفيد”، بتقويم واحد لمستقبل الشرق الاوسط، ورؤية واحدة الى مخارج أزماته، تحديداً أمن دوله وشعوبه، في ضوء صعود “داعش”، وتصدير إيران الفوضى، واقتراب الإقرار لها بدخول النادي النووي.

يصف مارتن انديك المبعوث الاميركي السابق لمفاوضات السلام في الشرق الاوسط، قمة “كمب ديفيد” بأنها “تاريخية وتمثل نقطة تحول في العلاقات الأمنية الأميركية مع دول الخليج”، ما يوصل إلى الاستنتاج انها تندرج في سياق، بدأ ثنائيا، قبل نحو 70 سنة، في قمة فرانكلين د. روزفلت مع الملك المؤسس عبد العزيز بن سعود، في شباط عام 1945، في البحيرات المرة، في مصر.

كان التفاهم الذي توصل إليه الطرفان أساس استقرار الخليج، على رغم 3 حروب عربية – اسرائيلية، ونزاعات موضعية. وهو انعقد في ظلال حرب عالمية، لم تكن منطقة الجزيرة العربية حلبة نيرانها الرئيسية، بينما قمة الخميس تنعقد وموضوعها الرئيس أمن المنطقة، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.

الميزة الثانية، أن الحوار الأميركي ليس مع دولة وحدها، بل مع مجموعة تخوض، جديا، تنسيق سياساتها، ومصيرها، وقد نجحت في تآلفها، عبر 34 سنة، لها فيها نجاحات تسجل، وكبوات استدركت.

الميزة الثالثة، أن أغلب القادة المشاركين، هم الجيل المقبل من أصحاب القرار، ومفوضون من الجيل الراهن، استنادا إلى ثقته بحسن رؤيتهم المستقبلية.

الميزة الرابعة، أن عرب هذه القمة مزوّدون تجربة ميدانية هي “عاصفة الحزم” بما هي مبادرة عربية ميدانية لصد خطر داهم مدبر، هدد ويهدد أمن وهوية المنطقة، أكد قرار من مجلس الأمن صواب اتخاذها.

الميزة الخامسة، أن القادة العرب يعرفون أن مضيفهم أوباما المتحمس للاتفاق النهائي مع ايران على ملفها النووي، وأنه على غير استعداد لإعطائهم ضمانات أمنية شبيهة بما يقدمه “حلف شمال الأطلسي” لأوروبا، وسيكتفي بتطوير أشكال التعاون القائمة لا سيما استخباريا، وفي الدفاع الجوي والحرب المعلوماتية، وبتأكيد تأييد التصدي للحوثيين في اليمن. وفي مقابل حرص أوباما على الإمساك بعصا الشرق الأوسط من وسطها، بين العرب وايران، حرص العاهل السعودي الملك سلمان على دعوة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى قمة “مجلس التعاون”، مطلع الشهر، في رسالة سياسية إلى واشنطن التي تلكأت في التعاطي مع ملفات المنطقة المشتعلة، في مقابل دعم فرنسي استراتيجي صريح.

لكن الميزة الأهم هي أن الدول الـ6، لن تدخل الاجتماع خاوية الوفاض، بل تحمل قرارها، وفي رصيدها تجربة “عاصفة الحزم” التي تقول إنها تملك قدراتها العسكرية والأمنية، ولا يمكن أن تكون فريسة سهلة لطامع، أو لمقايضات دولية – إقليمية.