محصلة الحِراك الفرنسي الروسي: لا إنتخابات رئاسية في المستقبل المنظور
والحوار ما بين «المستقبل» و«حزب الله» محكوم باعتبارات عونية
عكس عون في مؤتمره الصحافي أن أي اتفاق يجب أن يكون على شخصه مرشحاً وحيداً
الجلسة السادسة عشرة لانتخاب رئيس للجمهورية لم تكن أفضل من سابقاتها فحضر الى مجلس النواب 56 نائباً يمثلون 14 آذار وكتلة التحرير والتنمية وجبهة النضال الوطني، وغاب النصاب المطلوب بغياب نواب حزب الله وتكتل التغيير والاصلاح ما يعني أن الوضع ما زال على حاله ولم يحصل أي تغيير أو حتى أي مؤشر لبصيص أمل لو صغير بإمكان حصول تغيير في موقف النائب ميشال عون يُنهي هذه الأزمة ويُصبح للبنان رئيساً يحافظ وجوده على الانتظام في المؤسسات التي تشكل مرتكزاً أساساً لنظامه الديمقراطي البرلماني بالرغم من الحِراك الدولي الأخير في اتجاه لبنان، من أجل حثّ قياداته والمسيحيين على وجه الخصوص لكي يتركوا خلافاتهم ونزاعاتهم والنكايات وراءهم ويتوافقوا على رئيس يقدمونه الى الأفرقاء الآخرين لكي يتم انتخابه كرئيس توافقي، ويخرجوا بلدهم من تداعيات استمرار أزمة الفراغ التي طاولت كل مؤسسات الدولة، كما طاولت الوضع الاقتصادي والمعيشي وحتى الأمني الذي ما يزال بعض المسؤولين يؤكدون على أنه ممسوك في الوقت الذي تتكاثر فيه المخاوف من انفلاته خصوصاً وأن الوضع في منطقة عرسال لا يبشّر بأي خير ويُنذر بخطر داهم.
ورغم هذه الأجواء المحمومة يرى بعض السياسيين كالرئيس نبيه بري أن هناك أجواء بدأت تظهر تشي بأن أمراً ما سيحصل في الأسابيع القليلة المقبلة من شأنه أن يقرّب بين وجهات النظر والمواقف المتضاربة ويضع انتخابات رئاسة الجمهورية على الخط الصحيح بحيث لا يحل فصل الربيع إلا ويشهد لبنان انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ويبني الرئيس بري تفاؤله وفقاً لما نقله عنه زواره على التحرك الفرنسي المدعوم فاتيكانياً في اتجاه لبنان ومطالبته القيادات اللبنانية، ولا سيّما المسيحية منها بالتخلي عن المصالح الشخصية لمصلحة بناء الدولة والكيان الذي أصبح مهدداً بسبب الفراغ في سدة الرئاسة الأولى، انطلاقاً من أن الجسد مهما كان قوياً لا يعيش من دون الرأس، ولبنان الدولة لا يمكن أن يستمر من دون انتخاب رئيس له يكون مؤتمناً على نظامه واستقراره، وعلى انتظام مؤسساته.
وكان اللافت أيضاً زيارة نائب وزير الخارجية الروسي في توقيت واحد مع زيارة الموفد الفرنسي وحثّه القيادات اللبنانية على ضرورة الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية لما لهذا الانتخاب من انعكاسات إيجابية على مجمل الأوضاع الداخلية التي تشهد شللاً في كل المؤسسات التي توفر للنظام اللبناني حصانته وديمومته، وكان لافتاً أيضاً في تصريحات الموفد الروسي حثّ اللبنانيين على التمسك بإعلان بعبدا الذي وحده يحفظ لبنان من تداعيات ما يجري في منطقة الشرق الأوسط ويساعد في الوقت نفسه على إيصال رئيس جمهورية توافقي في أقرب وقت ممكن وذلك بعدما ثبت للفريقين المتنازعين 14 و8 آذار أن استمرار الخلاف بينهما لن ينتج سوى مزيد من الانهيارات على المستوى العام، وصولاً الى انهيار المؤسسات التي تشكل الدعامة الأساسية للنظام اللبناني، لكن الأجوبة التي سمعها الموفدان الروسي والفرنسي من بعض القيادات اللبنانية ولا سيما من النائب عون وحزب الله لم تشجعهم على مواصلة مساعيهم لإحداث خرق في الجمود الداخلي على مستوى رئاسة الجمهورية يبشّر بقرب موعد ملء الشغور في هذا الموقع الحساس بالنسبة الى المسيحيين، وقد عكس رئيس تكتل الاصلاح والتغيير هذا الأمر في المؤتمر الصحفي الذي عقده بعد اجتماع تكتل التغيير والاصلاح، والذي يؤكد ثباته على موقفه، وعلى أن أي مسعى إقليمي أو خارجي أو داخلي لحل الأزمة الرئاسية لا يمكن أن يبصر النور إلا إذا أسس على قاعدة الاتفاق على شخصه كمرشح وحيد لرئاسة الجمهورية بوصفه الأكثر تمثيلاً بين القيادات المسيحية، ولأن وصوله يزيل الغبن اللاحق بالمسيحيين بسبب إيصال رؤساء غير أقوياء الى رئاسة الجمهورية بالتحالف بين القيادات الإسلامية، وهذا يعني أن النائب عون يرفض أي تدخل خارجي في هذا الاستحقاق إلا إذا كان يصب في مصلحة وصوله الى رئاسة الجمهورية وهو في ذلك يستند الى دعم حزب الله المستمر له ورفضه أي مسعى معه للتخلي عنه والقبول بمرشح توافقي يخرج البلاد من عنق الزجاجة، وهذا معناه أن الوضع على صعيد الانتخابات الرئاسية ما زال يراوح مكانه ولا يوجد أي بصيص أمل في الأفق المنظور بإمكان الخروج من النفق المظلم وانتخاب رئيس للجمهورية بالتوافق بين القوى السياسية المتصارعة على الأرض، ومن هنا تقلل مصادر سياسية من أهمية الحوار المزمع عقده بين تيار المستقبل وحزب الله وفي إحراز اي تقدم يذكر على صعيد الاستحقاق الرئاسي وإن كان انعقاده يدخل البلاد في مناخ استرخاء وتنفيس للاحتقان السائد بين السنّة والشيعة والذي يخشى في حال استمراره من حصول حريق بين الطائفتين يمتد الى كل لبنان، وهذا بحد ذاته يشكل انجازاً كبيراً وإن لم يؤد وهو لن يؤدي حتماً للوصول الى إخراج أزمة انتخاب رئيس للجمهورية من عنق زجاجة النائب عون في الأشهر القليلة المقبلة.