إنتفاضة قضائية مأمولة رئاسياً .. وحرب إفتراضية يُعمل على تحليل شيفراتها
لا يستبعد وجود رابط خفي ّ بين الحملة الافتراضية على باسيل وبين موقف رئاسة الجمهورية من السلسلة
تكاد سلسلة الرتب والرواتب وتأمين الإقتطاع الضريبي اللازم لها أن يتحولا عنوانا خلافيا جديدا يضاف الى ما تراكم من أزمات وتباينات، منبتُها الأساس عدم هضم رغبة العهد الرئاسي ومسعاه لإرساء تغيير حقيقي على مستوى إدارة الحكم، إقتصاديا وماليا وسياسيا وقضائيا وإداريا.
ما تحقق الى اليوم من تغيير لم يكن سهل المنال، بالنظر الى التعنّت الذي يُقابل به العهد حيال كل خطوة إصلاحية ينوي تحقيقها او إرساء مداميكها، بدءا من تشكيل الحكومة وليس إنتهاء بملف التشكيلات الديبلوماسية، وما بينهما من مشاريع لا تزال علاقة -كليا أو جزئيا- من الكهرباء والتعيينات الإدارية والتشكيلات القضائية والنفط، وصولا الى السلسلة التي هي على موعد حواري اليوم في القصر الرئاسي، سيناقشها من زاويتي الضرائب المفروضة لتغطية تمويلها، والأهم شمولية الموازنة، بمعنى ان تأتي الموازنة شاملة كل النفقات، لا كما يحصل راهنا من تجزئة غير مبررة، في حين المطلوب أن تأتي السلسلة والإقتطاعات الضريبية العائدة لها في صلب مشروع قانون موازنة العام ٢٠١٧.
وليس خافيا أن جهات معروفة تهدد بقطع الطريق أمام الموازنة، حال خروج رئاسة الجمهورية عمّا رُسم للسلسلة، وهي رسالة تلقفتها بعبدا ويُعمل على تحليل شيفراتها، بحيث يأتي الجواب في سياق الحوار الإقتصادي – الإجتماعي المقرر اليوم.
وتعكس المناوشات السياسية وتلك الجارية على مستوى قنوات التواصل الإجتماعي، بعضا من هذا الكباش الخافت على مستوى العلاقة بين أركان الحكم، في حين يقود مقرّبون من إحدى المرجعيات حملة شعواء على رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل على خلفية التحقيق مع إحدى المغردات، متهمين إياه بأنه وراء توقيفها منذ يوم الجمعة، في حين تبيّن ان باسيل لا علاقة له بهذه المسألة، وأن الأمر عائد الى وابل من الشتائم أطلقته المغرّدة الموقوفة ضد مرجعيتين رئاسيتين تحرّكت في إثره النيابة العامة التمييزية للتحقيق معها.
وكان لافتا أن المقرّب من إحدى المرجعيات تقصّد مواصلة حملته على الوزير باسيل، رغم توضّح الصورة، ما يعكس حقيقة هذه الحملة والمُراد منها، والتي لا يزال وزير الخارجية ينأى بنفسه عن الرد أو التعليق عليها، علما أن ثمة من لا يستبعد وجود رابط خفي بين المضي في الحملة الإفتراضية، وبين موقف رئاسة الجمهورية من قانون السلسلة ورغبتها في معالجة أي خلل مرتبط بها أو بالإقتطاعات الضريبية المفروضة لتمويلها، ربطا بمجموعة الملاحظات التي وردت الى القصر الرئاسي، إن على السلسلة نفسها أو على الضرائب بحد ذاتها.
وتعتقد مصادر سياسية أن التوتر في العلاقة بين أهل الحكم الذي يمرّ راهنا بمرحلة جديدة، قد يخبو مع إنطلاق المعركة ضد تنظيم داعش في جرود رأس بعلبك والقاع، لكنه سيظل السمة الغالبة في الأشهر وربما السنوات الخمس المقبلة، بالنظر الى الإتساع التدريجي للفروق بين المرجعيات، وخصوصا على مستوى رؤية العهد لمعالجة الملفات والأزمات، وفي مجملها رؤية قطعية لا تستسيغ التسويات وأنصاف الحلول، وترغب في إضفاء تغيير منهجي حقيقي لا يتفق بالضرورة مع ما يراه التقليد السياسي صالحا كأدوات للحكم.
وتتوقع المصادر أن تشهد الفترة القليلة المقبلة إنتفاضة قضائية تواكب النهج الرئاسي، ربطا بمجموعة من الملاحظات تراكمت رئاسيا في الأشهر الثمانية الفائتة، وشكلت قضية رئيس مجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر ومن ثمَ إستقالته، أحد عوارضها البارزة. وتشير المصادر الى أن التشكيلات القضائية العالقة بدفع من إحدى المرجعيات لخلاف على التوزيع الطائفي، قد تكون المحطة المنتظرة على مستوى هذه الإنتفاضة المأمولة رئاسياً.
وسبق لوزير الخارجية أن دعا قبل أيام قليلة الى «قضاء يكون على مستوى قيادته قويا ومستقلا، لكن غير مستقل عن الدستور والقانون وحقوق الناس»، لافتا الى أن «السلطة الدستورية المستقلة لا تتمرد على الدستور والقانون وحقوق الناس المؤتمنة عليها». وإذ قال إن «الفساد في القضاء حكاية أخرى»، ختم داعيا الى أن «يبدأ الإصلاح والتغيير من القضاء».