لا شيء سوف يهتز في البلاد لا على الصعيد الحكومي ولا حتى على مستوى العلاقات القائمة في الوسط السياسي خصوصاً بين رئاستي الجمهورية والحكومة، فالأمور وان بدت في الظاهر والعلن على ما هي عليه من بعض التأزم، الا انها في المضمون والباطن على احسن حال كما توضح مصادر وزارية مقربة من الطرفين التي تقول: ان البلد يمكن ان يهتز، ولكنه حتماً لن يقع، فالجميع ووفق خلفيات متنوعة يعلمون علم اليقين ان الحكومة الحالية يجب ان تكمل مسيرتها ولا شيء يزحزحها سوى ان الصورة الاعلامية التي يرسمها البعض لا تمت الى الحقيقة بصلة وجلّ المبتغى منها التحضير المناسب لمعركة الانتخابات النيابية السابقة وكافة السواقي الصغيرة تصب في نهر الاستحقاق النيابي.
وتوضح المصادر ان الهموم المعيشية الضاغطة ومسألة سلسلة الرتب والرواتب يضاف اليها الضرائب سوف يتم حلها في خلال اسبوع واحد وبعد عودة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من زيارته الى فرنسا بالاتفاق مع رئيس الحكومة سعد الحريري وبموافقة الرئيس نبيه بري، وان كان للأخير جملة من التساؤلات والمخاوف والاستعجال لادخال الاموال الزائدة الى جيوب المواطنين من السلسلة على خلفية الكلام الجازم الذي اطلقه وزير المالية علي حسن خليل ان الموظفين سوف يقبضون رواتبهم اواخر هذا الشهر وفق الجداول الجديدة، ولكن ليس في الامر مشكلة جوهرية ما دام قانون السلسلة قد صدر ولا عودة عنه وحتماً سيقبض هؤلاء رواتبهم عن شهر تشرين الاول وفق الرزنامة الجديدة.
وتضع هذه المصادر هذه الجلبة القائمة في البلاد وفق خلفية واضحة ومفادها: ان النقابات العمالية في لبنان مسيسة وتدور في فلك اهل السياسة وليس في مصلحة جيوب المواطنين، ولذلك بدا هذا التحرك من النقابات والاجراء دفعة واحدة وكأن هناك من أراد تحريكها للضغط على الحكومة والعهد على حد سواء، ذلك ان المواطن الذي انتظر سنوات طوال لنيل حقوقه المكتسبة استطاع تحقيقها من خلال هذه الحكومة وهذا العهد، وبدل ان تتم عملية الثناء على هذا الانجازد الاقتصادي المفصلي في حياة لبنان، يأتي ومن باب السياسة والانتخابات من ينغص هذا الانجاز، والا ما معنى السكوت دهراً عن حال الجوع الاقتصادي للمواطنين طوال السنوات الماضية وعندما أقرت الحكومة الحقوق المشروعة للناس جاء من يلعب بالنار من باب الضرائب، وكأن لبنان وخزينته باستطاعته تمويل هذه السلسلة من الفائض القومي في الميزانية، فيما الجميع يعلمون حال البلد الاقتصادي منذ اكثر من عشر سنوات، وبالتالي على العباقرة الذين أفقروا الناس ان يبتدعوا نوافذ جديدة وايرادات، اما من الاموال النفطية الهائلة او من حقول الغاز في وسط البحر!! ويعملون وفق المقولة اللبنانية: اطعموا الناس سمك بالبحر، وهذا امر غير منطقي في بلد بالكاد تستطيع حكومته تأمين فوائد الدين سنوياً مع ارتفاع ملحوظ بالديون الداخلية والخارجية.
انها فلسفة التقاط لقمة الناس تقول هذه المصادر للانقضاض على العهد والحكومة على حد سواء ولغايات بعيدة عن الواقع الاقتصادي وصولاً الى اطلاق النار عليهما من باب التحضير للتحالفات الانتخابية المقبلة، وتلفت المصادر الى ان الدولة الى جانب الناس وكل عاقل يعي التداعيات المعيية واقساط المدارس والغلاء والفساد، ولكن هذا ليس وليد الساعة انما وفق تراكمات على مر السنين، وان المواطن لديه كل الحق بالمطالبة بحقوقه انما هناك محاذير وفي مقدمها ان لا يقبض المواطن السلسلة في يد ويدفعها. فواتير ورفع اسعار في اليد الأخرى، وهنا لا تريد المصادر الدفاع عن الحكومة التي يعرف اصحابها انها ليست بالفعالية بالقدر المطلوب في هذه الظروف الدقيقة نظراً لعدم انسجامها اقله في التطلعات السياسية والنظرة الاقتصادية الموحدة حيال معالجة القضايا الانسانية، انما ليس المطلوب حالياً هز الوضع الحكومي اذ لا تبدو ان هناك مصلحة داخلية بذلك ولا مطلب خارجياً على حد سواء وبما ان لبنان مرتبط حتى الثمالة بالوضعين الاقليمي والدولي فعلى الجميع تهدئة الوضع الداخلي وعدم الركون الى التهديدات الارهابية ما زالت تخيم فوق الرؤوس ويمكنها الدخول من شبابيك الخصومة القائمة والاحتجاجات الشعبية.
وتختم المصادر ان الهيئات الاقتصادية اقتنعت اخيراً ان الضرائب سوف تطالها وهي مستعدة لدفعها.