IMLebanon

لبنان “الفلسطيني” لبنان “الإيراني”

 

 

كان ياسر عرفات يفاخر بأنه حكم لبنان الذي تقول طهران اليوم إنها تحكمه من ضمن أربعة بلدان عربية. لبنان الذي تجمعت فيه الفصائل الفلسطينية المسلحة. وكل شيء كان هنا. كل أعمال الكفاح المسلح وما سميت “عمليات القشرة” تنطلق من الجنوب لأنها كانت ممنوعة من سوريا ومصر وصارت الجبهة الأردنية مغلقة أمامها. وكل السلاح الفلسطيني يتم استخدامه في حرب لبنان من أجل تغيير النظام. لكن لبنان “الفلسطيني” لم ينتهِ بخروج منظمة التحرير بعد الإجتياح الإسرائيلي، ولا بعد الإنسحاب الإسرائيلي ثم الإنسحاب السوري. وهو استمر بوجوه عدة أبسطها بقاء السلاح الفلسطيني وتعزيزه في المخيمات ومعه صراعات الفصائل.

 

ذلك أن لبنان حالياً أسير اللعبة المزدوجة بين إيران وإسرائيل، ولو من باب العداء: طهران تخترق المجتمعات العربية من باب “القضية الفلسطينية”. وتل أبيب تدخل الى بلدان عربية من باب الوقوف ضد “الخطر الإيراني”. وهو الجبهة الوحيدة المفتوحة على الحرب مع إسرائيل من بين جبهات “دول الطوق” وسط معاهدات السلام و”إتفاقات أبراهام”. لا بل إنه يقلد في ترسيم الحدود البحرية الطريقة الفلسطينية والعربية في قضية فلسطين: رفض المعروض ثم العودة بعد سنين الى المطالبة بأقل منه. من رفض قرار التقسيم وقرار عودة اللاجئين والعودة الى حدود الرابع من حزيران 1967 على أساس الإصرار على تحرير فلسطين كلها، الى المطالبة بحدود 4 حزيران والإصطدام بأن المعروض هو أقل.

 

لبنان يطالب اليوم بما كان يمكن الحصول عليه قبل عشر سنين وأكثر. طلب وساطة أميركا للتفاوض على الخط 23 بعدما رفض “خط هوف” فذهب الى مفاوضات الناقورة ليطرح خط 29 بحيث توقفت المفاوضات. عدنا الى الوساطة الأميركية، ومع إقتراب التوصل الى تسوية، دخل “حزب الله” مباشرة على الخط واضعاً بلسان السيد حسن نصر الله معادلة محددة: إستخراج ثروة لبنان الغازية والنفطية أو لا استخراج نفط وغاز لأحد، ولا بيع لأحد. حقوق لبنان او الحرب.

 

والمعادلة مهمة إذا كانت ثابتة، سواء كان الدافع إليها التوقيت اللبناني أو التوقيت الإيراني رداً على زيارة الرئيس جو بايدن. لكن قوة الأشياء تجعلها معادلة متحركة. فماذا إن لم يحصل لبنان على ما يرضي “حزب الله” في الأسابيع التي تفصلنا عن أيلول؟ ماذا إذا استخدم القوة ضد المنصات الإسرائيلية وباخرة الإستخراج في حقل كاريش وما بعد كاريش؟ ألن ترد إسرائيل بتدمير لبنان وتذهب المقاومة الى حرب شاملة؟

 

قول السيد نصر الله إن “الموت في الحرب أشرف من الموت جوعاً” ليس قدرنا ولا خيارنا. فالمافيا المسؤولة عن دفع اللبنانبين الى الجوع يحميها “حزب الله”. ومن يعيد إعمار لبنان إذا دمرته إسرائيل؟

 

الجميع في حاجة الى درس من مثل إيراني: “إن كنت تستطيع فك عقدة بأصابعك فلماذا تفكها بأسنانك؟”.