Site icon IMLebanon

لبنان المقاوم

 

 

هل يعرف مَـنْ لا يعرف أنّ لبنان كان سبّاقاً في نصرة القضية الفلسطينية منذ كانت، ولا يزال حتى اليوم يسابق نفسَهُ..؟

 

منذ أن لاحَتْ في الأفق العربي سحائبُ الوطن القومي الصهيوني في فلسطين، إنبرى لبنان يتصدّى للمحاولة، حكماً وحكومةً وسياسة وصحافة وشعراً وشعراء، وكان في الطليعة المسيحيون…؟

 

في 25 تموز 1944 قـدّم النائب جورج عقل اقتراحاً إلى المجلس النيابي اللبناني يقضي بوجوب التصّدي لكلّ محاولة ترمي إلى إنشاء وطـنٍ قومي صهيوني في فلسطين لأنّ الخطر لا يهدّد فلسطين العزيزة فحسب، بل يهدّد لبنان واستقلاله وسلامة أراضية.(1)

 

وقبل موقعة 5 حزيران 1967 حين راحت إسرائيل تُنذر بعدوانٍ على الأقطار العربية ولا سيّما سوريا، عقد المجلس النيابي جلسة في 23 أيار إتّسمتْ بشعور جيّاش بالمسؤولية الوطنية، وتعاقب على الكلام فيها خمسة عشر نائباً، كان أبرزهم النواب الموارنة: الشيخ موريس الجميل عن حزب الكتائب، نهاد بويز عن حزب الكتلة الوطنية، والأب سمعان الدويهي عن حزب الأحرار.

وبعد أن أنشد النواب وقوفاً النشيد الوطني اللبناني، قـرّر المجلس بالإجماع تعبئة الطاقات الحكومية والشعبية والعسكرية، من أجل دعم السيادة العربية، ونصرة الحق على أرض فلسطين الشقيقة.(2)

 

لماذا، إذاً، ترتدي القضية الفلسطينية هويّـةً مذهبية إسلامية…؟

 

ولكن، عندما انحرف العمل الفلسطيني في لبنان عن جوهر القضية الحقّ، في حرب 1975، شكّل ذلك عند اللبنانيين انكماشاً في الذهن الوطني والنفسي والسيادي.

 

ومع ذلك، فقد تخطىّ لبنان كلَّ ما كان، واستمرّ يحمل على عاتقه أكبر أثقال الحِمْـل نيابة عن الدول العربية المتاخمة لإسرائيل، فكان غيرهُ يدعم القضية الفلسطينية بما تبقىّ من ماء الوجـه، وظـلّ هو يؤمّـن الدعم بما تبقَّى من شريان الـدم، فصحّ فيه وفيهم ما قاله الشاعر:

 

منكَ الدقيقُ ومنّي النارُ أُضرِبُها والماءُ مـنيّ ومنكَ السمنُ والعسلُ

نعرف أنّ المقاومة الإسلامية في لبنان، تتظلّل بتشريع عبر بيانات مجلس الوزراء، ولا نعرف من هي السلطة التي تشرّع سائر الفصائل والتنظيمات لتجعلها مقاومةً شرعية مشرّعة على طول حدود لبنان، تستبيح الأرض والسيادة ولا مـنْ يسألُ ولا مَـنْ يحزنون.

 

 

 

على أثر إعلان «طلائع حماس في لبنان» أطلّ مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس من إحدى محطات التلفزة ليقول: «إنّ المخيمات الفلسطينية هي ضيوف فـي لبنان، ومن شأن هذه التنظيمات تحويل النظر عن القضية الأم في غـزّة، وإلـهاء اهتمامات الأشقاء والأنظار الدولية بقصّة «الطوفان الأقصى» المستجدَّة في لبنان…».

ثـمّ.. أليس أنّ هذا الفلتان اللاّشرعي على الحدود اللبنانية، من شأنه أن يؤمّن الذريعة المطلوبة لإسرائيل لتوريط لبنان بحرب واسعة فوق ما يعانيه، ويعطّل اللجوء إلى القرار 1701 للحـدّ من التهوّر الإسرائيلي…؟

أَلاَ يشكّل ذلك ذريعة أيضاً لبعض دول الغرب التي تسعى إلى لجـمْ الجموح الإسرائيلي، ويحـدّ كذلك من التأييد الشعبي العارم لقضية غـزّة في الدول الغربية..؟

 

ثـمّ ماذا عن اتفاق الطائف الذي قضى بسحب السلاح الفلسطيني من المخيمات وخارجها، والذي ارتبطت بـهِ وثائق منظمة التحرير الفلسطينية حيال لبنان…؟

 

إذا كان لا بـدّ من تبادل العمليات العسكرية على الحدود اللبنانية الجنوبية وفـق قواعد الإشتباك فرجاءً.. أتركوا المقاومة الإسلامية في لبنان تتصرّف في الميدان بحسب دقّـة المعايير، حتى لا نجعل من لبنان غـزةً ثانية، كأنّ عليَّ وعلى أصدقائي يا رب.

1 – كتاب النيابة في لبنان – فؤاد الخوري : ص :162.

 

2 – المرجع نفسه: ص : 294 – 295.