IMLebanon

تغيير الحكومة وحل الدولتين: كلام بايدن لا يُعوّل عليه إسرائيلياً

 

فيتو أميركي على قرار مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في غزة. ثم قرار غير ملزم بأغلبية ساحقة من الجمعية العامة للأمم المتحدة وموازية لشبه الإجماع الدولي على ضرورة إنهاء الحرب الانتقامية التي تشنّها إسرائيل على الشعب الفلسطيني الأعزل، وعلى قِيَم الإنسانيّة في وقتٍ تعجز فيه آلتها العسكرية والهمجية عن تحقيق الإنجازات والأهداف التي حددتها الحكومة الإسرائيلية الأشدّ تطرفاً لعمليتها الجنونيّة التي أطلقت عليها إسم «السيوف الحديدية»، والتي وصفها الكاتب «حاييم ليفينسون» في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية بأنها «عملية سقوط السراويل» بعد أن ثبت فشل الجيش الإسرائيلي الذريع وجهاز أمن الشاباك وعباقرة وحدة النخبة أمام المخطط الذي وضعته حماس ونفذته في السابع من تشرين الأول ٢٠٢٣.

حرب إرهاب وإبادة جماعية وتطهير عرقي وتدمير وتهجير وجرائم يومية لا تزال على مدار الساعات الأربعة والعشرين تطال كل مقومات الحياة في القطاع الغزاوي شمالاً وجنوباً منذ بداية معركة طوفان الأقصى، وقد بلغت هذه الحرب الوحشيّة حدّاً غير مسبوق في جرائمها وعدوانها الغاشم منذ الحرب العالمية الثانية، وفي بشاعة صورها النتنة والسوداء، والمكتسية بلون الدم الأحمر المتفجّر من أجساد الشباب والشيوخ والنساء والأطفال، ومن أشباح المواثيق الدولية والأمميّة وإعلانات حقوق الإنسان. وتصريحات كاذبة ومضلّلة ومتناقضة صادرة عن الرئيس الأميركي الصهيوني «جو بايدن» ومستشار الأمن القومي الأميركي «جايك ساليفان» لدفع التهمة الثابتة على أميركا والمتعلقة بشراكتها مع إسرائيل في جرائمها وحربها ضد الفلسطينيين، بل وفي قيادتها المباشرة لهذه الحرب عبر إرسالها لحاملات الطائرات، ودعمها للكيان الصهيوني بمليارات الدولارات وبالأسلحة التدميرية والفتّاكة الهائلة.

 

وهكذا فإن كلام بايدن الأخير ودعوته نتنياهو لتغيير حكومته المتطرفة والقبول بحل الدولتين لا يُعوّل عليه إسرائيلياً، وليس له أرضية صالحة في الواقع الدموي الراهن، وفي ظل رفض نتنياهو والعديد من وزراء حكومته لإقامة دولة فلسطينية أو العودة إلى اتفاق أوسلو الموقّع برعاية أميركية في سنة ١٩٩٣، ومنهم وزير الاتصالات الإسرائيلي «شلومو كرعي»، وكذلك رفض «جدعون ساعر» الوزير الإسرائيلي في «المجلس الوزاري المصغّر» لحل حكومة الطوارئ، ولأي مساس بالاستيطان في الضفة الغربية. أما تصريحات «جايك ساليفان» الذي كان في زيارة إلى إسرائيل يوم الجمعة الفائت، والتي أعقبت محاولة المسؤولين الأميركيين التأكيد على عدم مسؤولية الولايات المتحدة في الحرب على غزة، فهي لا تخرج بطبيعة الحال عن منح الإدارة الأميركية الضوء الأخضر (والأبيض كما تشاء حكومة نتنياهو) لمواصلة عدوانها على شعب غزّة عبر الترويج لفكرة الحاجة لستّة أسابيع إضافية من أجل حسم الحرب ضد حماس، ومن خلال التركيز على استهداف قادة الحركة، وهي في حقيقتها «شيك» أميركي على بياض لسقف زمني مفتوح، ولسفك دماء الأطفال والأبرياء من الشعب الفلسطيني الذي لا يعرف الخضوع والاستسلام.

في الجانب التركي وبما يتعلق بالقضية الفلسطينية، كان لافتاً تعرُّض النائب التركي، نائب رئيس «حزب السعادة» المعارض «حسن بيتماز» لأزمة قلبية وسقوطه أرضاً خلال إلقاء كلمته في البرلمان ودفاعه عن غزة والفلسطينيين يوم الثلاثاء، وقد توفي بعدها بيومين. في كلمته المؤثرة التي تركها لقادة تركيا والعرب والعالم انتقد النائب الإسلامي بيتماز سياسة أنقرة والرئيس أردوغان تجاه إسرائيل لكونها متساهلة جداً، ولإبقائها على العلاقات التجارية بين الدولتين، وذلك بالرغم من تكرار وصف الرئيس التركي لإسرائيل بأنها «دولة إرهابية»، ومن تأكيده على أن حماس «حركة تحرر وطني». وكانت كلمات بيتماز الأخيرة مؤثرة حين قال: «حتى لو نجوتم من عذابات التاريخ، فلن تتمكنوا من إنقاذ أنفسكم من عذاب الله».