هذه الحميّة وهذه الحماسة وهذه الغيرة على أهالي قطاع غزة من قِبَل الأميركي والفرنسي، واللهاث المحموم من أجل التوصّل الى هدنة في القطاع على قاعدة السباق في الوقت بين وقف إطلاق النار وحلول شهر رمضان الفضيل، هذه كلها ليست ذات دوافع إنسانية على الإطلاق، إذ إن وراءها دافعاً آخرَ وهو الخوف من انتفاضات شعبية في الكثير من البلدان العربية والإسلامية لاسيما في الضفة الغربية المحتلّة، وما قد يترتب على ذلك الحراك من نتائج وتداعيات. وفي المعلومات أن غير عاصمة عربية تُجري اتصالات تحث فيها أعضاء الهيئة الرباعية المخولة البحث في التوصل الى الهدنة على التسريع في إعلانها قبل الأول من شهر رمضان مخافة أن تتحول الاعتراضات على الحرب الى اضطرابات كبيرة في داخلها.
في المقابل يبدو التقدم نحو التوصل الى الهدنة المرشحة لأن تمتد ما بين شهر ونصف الى شهرين، ينطلق من العمل على تثبيتها، فيُجرى تمديدُها مرّة واثنتين وثلاثاً الى أن يقتنع بنيامين نتانياهو بحتمية النزول عن شجرة الغرور وأيضاً الهروب من حكم القضاء، وبأنه لن يحقق بالتالي الكثير من شروطه ومطامعه، وبالذات بأنه يتعذر عليه القضاء على حماس واستحالة تهجير أهالي غزة. كذلك بعد أن يرضى السنوار بأنّ ما حققه حتى الآن في الصمود يكفي ليشكل فشلاً صريحاً للعدوان على غزة.
والمعلومات «الإيجابية» التي تسرّبت عن اجتماع «الرباعية» في باريس، في الأسبوع الماضي (الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ومصر وقطر، بمشاركة قادة أجهزة استخبارات العدو)، قد أكّدت على أن الهدنة «نضجت وحان قطافها» وأن الاسرائيلي والغزّاوي باتا على اقتناع بها، وما يبقى من تعنّت وشروط تقابلها شروط ليس سوى محاولة لتحسين ظروف الطرفين حماس والعدو…
وبالهدنة أو من دونها سيظل العدو يعمل من أجل تصفية القضية الفلسطينية، ولكن مَن يعترض مخططه هم شبّان وشابّات الأجيال الفلسطينية الطالعة الذين يبدون أشدّ تمسكاً ببلدهم من جيل النكبة وما بعده، بالرغم من القهر والظلم والسجن والقتل وسائر ما يرتكبه الصهاينة بحق أصحاب الأرض.