ولأنّ لا دولة في لبنان ولا هَرَم ولا حكومة، لا في السِلمِ ولا في الحرب بحسب الرئيس نجيب ميقاتي ووزيره بو حبيب، فإنّنا سننتقل للحديث عن المنطقة.
إيران ترعى وتموّل «حماس» و»حزب الله» وغيرهما. يعني إيران صاحبة الإمرة أو «المَونَة» على «حزب الله» و»حماس»، ومِنهم مَن يقول إنهما يعملان بحسب الأجندة أو «المومنتوم» الإيراني. إيران تعتبر حزب الله «الشيعي» جزءاً لا يتجزأ منها و»طفلها المدلّل»، وعليه فإنّ عاطفتها أَقَلّ تجاه حماس «السنيّة».
إسرائيل كانت على وشك استكمال حلقة التطبيع مع الدول العربيّة على أنْ يكون خِتامها مِسكاً مع السعوديّة التي تخطو خطوات سريعة على طريق قيادة الدول الخليجيّة والعربيّة، وعلى طريقِ حجزِ مقعدٍ دائمٍ بين مجموعة الدول المؤثّرة عالميّاً، من الصين الى دول الـ»بريكس» الى روسيّا وأميركا وصولاً الى طريق الحرير المَنْوي إنشاؤها بين الهند والسعودية، مع دول الخليج ضمناً، مروراً بالأردن وإسرائيل حتى أعماق أوروبّا.
السعوديّة اشترطت على أميركا، للسيرِ بمسارِ التطبيع مع إسرائيل، أنْ تقبل هذه الأخيرة بشروط المبادرة العربيّة للسلام التي أُطلِقَت مِن بيروت في العام 2002 والقائمة على قيام دولتين، فلسطينيّة واسرائيليّة، بما يؤمّن سلاماً عادلاً شاملاً ونهائياً، وهذا ما أتَّضَح أنّ إسرائيل قد تَقبَل أو قَبِلَت به.
إيران في هذا الوقت، رأت نفسها معزولة وخارج أيّ دور في هذه المُعادلات، وهي التي أنفقت كثيراً ماديّاً وعسكريّاً وسياسيّاً وفُقهيّاً ودينيّاً لتُعيد أمجاداً فارسيّةً توسّعيّةً عاشتها منذ عشرات القرون.
إذاً مع تسارع وتيرة التطبيع بين إسرائيل والدول العربيّة «السنيّة» واحتمال إنتفاء الدور الذي من أجله وُجِدَت الجمهوريّة الاسلاميّة الايرانيّة، أو الذي من أجله تُرِكَت تنمو وتمتدّ الى البلدان التي كوّنت منها «الهلال الشيعي» مِن اليمن الى إيران والعراق وسوريا ولبنان وصولاً الى غزّة «السنيّة»، كان لا بدّ لإيران أن تضرب على الطاولة في مكان ما للقول يا جماعة أنا هنا وأريد ثمناً لتسهيلي إنهاء النزاع في الشرق الاوسط أي النزاع الاسرائيلي الفلسطيني.
حيّدت إيران «الطفل المدلّل، حزب الله» وأوعزت «لحماس» بالقيام بالعملية النوعيّة الاستثنائيّة غير المسبوقة التي نفّذتها ضدّ إسرائيل. إنتهى مفعول الصدمة عند إسرائيل واستعادت المبادرة، وعلى طريقتها الهمجية المعروفة، فإنّها تنتقم من الجوّ بعشرات آلاف الأطنان من المتفجرات على رؤوس أبناء غزّة، من «حَمساويين» وأبرياء مِن نساء وشيوخ وأطفال مُستَغِلَّةً رأي عام دولي مُسانِد لها حتى الآن.
السؤال الآن، أمّا بعد فإلى أين؟
وجهتا نظر اليوم تجاه حلّ القضية الفلسطينيّة:
– الأولى تقول إنّ الحلّ هو في قيام الدولتين، كما تطرح الدول العربية وعلى رأسها السعودية.
– الثانية تقول لا حلّ إلّا بإزالة إسرائيل من الوجود، وهذا رأي المحور الذي تقوده إيران وهي الهَرَم ورأس الهرم فيه.
هل ستقبل إسرائيل بعد بحلّ قيام الدولتين؟ هل ستستطيع إيران محو إسرائيل من الوجود؟ وهل سيبقى من مَشروعيةٍ للمحور الإيراني الذي في صلبِه «حزب الله اللبناني» إذا ما توقّف «طوفان الأقصى» من دون أن يَجرِفَ معه «العدو الصهيوني المتغطرس» و»الشيطان الأصغر إسرائيل» ويرميهما في البحر المتوسط أو في «البحر الميت»؟