IMLebanon

قراءة في نتائج مؤتمر باريس لدعم لبنان

 

دو فريج لـ «اللواء»: حكومة ثقة واختصاص وإصلاحات سريعة تُغني عن «روشتة» صندوق النقد

 

 

مع استمرار الأزمة السياسية والمالية والاقتصادية وتفاقمها منذ السابع عشر من تشرين الاول الماضي، تستمر الطبقة السياسية من جهتها بالتزام حالة الإنكار مكتفية بمراقبة التطورات والمستجدات دون الإقدام على أي خطوة تشكّل صدمة ايجابية للبلد في ظل حكومة مستقيلة، مع تأجيل متكرر لموعد الاستشارات النيابية الملزمة. في المقابل لا يزال لبنان محور اهتمام ومتابعة دولية وهو ما تجلى بالاجتماع الذي عقد في باريس، الأربعاء الماضي، لمجموعة الدعم الدولية.

 

وعلى الرغم من ان مقررات المؤتمر كانت متوقعة، فقد شكل البيان الختامي خارطة طريق لحثّ اللبنانيين، أولاً، لتشكيل حكومة جديدة في أسرع وقت ممكن وتنفيذ الاصلاحات المطلوبة، وتأكيده ثانياً الاستمرار بتقديم الدعم والمساعدة للبنان والتزام مقررات مؤتمر «سيدر».

 

مدخل الانقاذ بحكومة اختصاص

 

وفي قراءة لأهداف المؤتمر والأزمة الراهنة، يؤكد الوزير والنائب السابق نبيل دو فريج عبر «اللواء» على «ضرورة تشكيل حكومة من اختصاصيين ذوي كفاءة ومشهود بنجاحاتهم لانقاذ ما يمكن انقاذه»، معتبراً ان «للبنان خصوصية مختلفة عن الدول التي مرت بازمات مماثلة كالارجنتين واليونان»، داعيا المجتمع الدولي لا سيما المؤسسات المالية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي لمعرفة ذلك، واتخاذ تدابير مساعدة وداعمة تجاه لبنان، وأن لا تكون قاسية ومؤثرة على الاوضاع المعيشية للناس، مشددا على اهمية اقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

 

ويضيف دو فريج ان «الهدف الاساسي لمؤتمر مجموعة الدعم هو حثّ اللبنانيين للاسراع في تشكيل حكومة وللتصويت على موازنة 2020 والعمل لانقاذ الاوضاع».

 

وحول نصائح المجموعة  بالتعامل مع المؤسسات الدولية، أي صندوق النقد الدولي، تمنى دو فريج ان «يقدم الصندوق على التعامل مع لبنان بطريقة سلسلة وغير قاسية لمساعدته، خصوصا ان للبنان خصوصية مميزة وهو ليس الارجنتين او اليونان ولا يمكن التعامل معه كما جرى التعامل مع هاتين الدولتين»، رافضا «المس برواتب موظفي الدولة ومعاشات التقاعد التي يعتبرها الصندوق مكلفة جدا للدولة اللبنانية اضافة الى مواضيع اخرى كقطاع الكهرباء والمياه».

 

شراكة العام والخاص

 

ولفت دو فريج الى «ضرورة ايجاد الحلول من خلال القيام بالاصلاحات بأسرع وقت ممكن»، مشددا على أهمية  تشكيل حكومة من اختصاصيين، وقال: «انا لا اؤمن بكلمة تكنوقراط، خصوصا ان ليس هناك من شخص لا رأي سياسياً له»، مؤكدا ان «في لبنان شخصيات مشهود لها بالنجاحات التي سجلتها في القطاع الخاص»، داعيا الى «استلام مثل هكذا شخصيات من الاختصاصيين الوزارات المرتبطة بتنفيذ مقرارات مؤتمر «سيدر» لا سيما المتعلقة بالكهرباء، والمياه والاتصالات والخلوي اضافة الى البنى التحتية حيث خصص لها المؤتمر  لدى انعقاده قبل قرابة العام  مبلغ قدره 11 مليار تشمل تأهيل البنى التحتية على كافة الاراضي اللبنانية»، ويلفت دو فريج الى انه «كانت هناك مطالبة من القيمين على المؤتمر بضرورة تشكيل لجنة مؤلفة من ممثلين عن الدول المانحة للتأكد من ان التنفيذ يتم بشكل شفاف، لقناعتهم بأن في لبنان فساداً، وكان من المتوقع ان يرأس هذه اللجنة السفير بيار دوكان».

 

ويشدد دو فريج على ضرورة ان «تطبق الحكومة اللبنانية اليوم قبل الغد قانون الشراكة ما بين القطاع العام والخاص، لا سيما ان لدى لبنان قطاعا خاصا ناشطا وناجحا جدا، واصبح هناك ضرورة والحاح بقيام هذه الشراكة، خصوصا بعد الكلام  طالما عن تخفيض الفوائد في المصارف، وهذا الامر من شأنه أن يكون حافزا لدى العديد من الاشخاص بالتفكير بتوظيف اموالهم بالاستثمار بقطاعات عدة وامكانية الاستفادة من قروض بفوائد مخفضة للقيام بمشاريع مثمرة».

 

وذكر دو فريج انه «عندما تم التصويت على قانون الكهرباء في العام 2002 تم التأكيد على ان  يكون هناك حد ادنى 40% من الاسهم يمكن ان يستثمر بها اي مواطن لبناني»، ولفت ايضا الى ان «بامكان الدولة تخفيض الضرائب على القطاعات الانتاجية لتشجيع المواطن للاستثمار في هذه القطاعات».

 

خطط صندوق النقد ليست منزلة

 

في المقابل، يعتبر دو فريج أن «المشكلة في البلد سياسية بامتياز»، ويلفت الانتباه الى «ما يجري حاليا بين الولايات المتحدة وايران وانعكاس ذلك على لبنان»، ولكنه يشدد على «ضرورة العمل لتحييد انفسنا وتحسين حياتنا اليومية».

 

ويأمل دو فريج بانه «في حال تشكلت حكومة تتمتع بمصداقية وثقة من شأنها ان تنعكس ارتياحاً اقتصادياً وتصبح الدول المانحة اكثر ثقة بوضع لبنان، وعندها ليس هناك من مانع ان ياتي صندوق النقد الدولي لمساعدتنا، خصوصا ان بياناته الصادرة بخصوص لبنان تكون دوما مخيفة.

 

ويذكر دو فريج انه «في العام 2000 لم تكن الدولة اللبنانية تملك اكثر من رواتب الموظفين لستة اشهر فقط، حينها كانت الارقام مخيفة جدا كما هو الحال اليوم، فأتى وفد من صندوق النقد الدولي عارضا على الرئيس الشهيد رفيق الحريري والشهيد باسل فليحان وفريق العمل خطة كالتي تم تنفيذها في الارجنتين، اي ضرورة تحرير الدولار وعدم تثبيت سعره تجاه الليرة، عندها رفض الحريري وفليحان هذا الخيار، وقالا للوفد له ليس من الضرورة تطبيق في لبنان ما تم تطبيقه في الارجنتين، لان لدى لبنان خصوصية مختلفة. وبعد ذلك عقد مؤتمر باريس- 1، وتلاه باريس -2، ولكن رغم كل العراقيل التي وضعت حينها فقد استقر البلد وانتعش».

 

ويتابع دو فريج قائلا: «بعد استشهاد الرئيس الحريري بعدة اشهر اجتمع وفد من الصندوق الدولي مع الرئيس سعد الحريري وكنت حاضرا هذا الاجتماع، يومها ذكّر رئيس الوفد بما حصل في العام 2000 وبأنه هو من طلب من الرئيس الشهيد تحرير الدولار وتطبيق بعض الشروط، ولكن اعترف بعد 6 سنوات ان فليحان كان على الحق من خلال رؤيته بعدم تطبيق شروط الصندوق».

 

من هنا فان دو فريج يعتبر ان «الظروف اليوم اصبحت اصعب بكثير، لذلك اذا نصح الصندوق لبنان باتخاذ اي اجراءات قاسية وغير صالحة لخصوصية لبنان فعلى السياسيين والاقتصاديين العودة الى التاريخ وقراءاته للاستفادة منه لمعرفة ميزات لبنان وهو فريد من نوعه لذلك «الروشته» التي يجب وصفها للبنان ستكون مختلفة وفريدة من نوعها ايضا، ومن  يتفهم هذه الخصوصية بامكانه التوصل الى الحلول».

 

ويستبعد دو فريج منح لبنان في الوقت الحالي اي مساعدات، ويشير الى ان «القروض المعطاة هي بفائدة 0 بالمئة»، ويعتبر انه «رغم كل الدعم فان المجتمع الدولي ينظر الى لبنان بنظرة مختلفة عما كان ينظر اليه في عهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري لان ليس لديه الثقة التي كانت في الماضي، من هنا فإن المجتمع على استعداد لمساعدة لبنان في حال ساعدنا نحن انفسنا ولكي يتم ذلك يجب ان يكون لدينا نظرة وطنية لبنانية لكل الامور والمشكلات من خلال اصلاح امورنا بتطبيق الاصلاحات وتشكيل الحكومة ذات ثقة ومصداقية وتضم شخصيات ناجحة».

 

وابدى دو فريج ثقته بانه «في حال ضمت الحكومة المقبلة عدداً من السياسيين الاختصاصيين يمكن ان تنجح من خلال كفاءاتها وضميرها الوطني وهذا هو الخلاص للبنان»، مشدداً على اهمية ان «تكون علاقات لبنان مع جميع اصدقائه واشقائه مميزة وجيدة من اجل مصالحه».