تقديم النائب مروان حمادة إستقالته الخطّية من موقعه في مجلس النواب، إثر إنفجار مرفأ بيروت، فتح الباب أمام الإحتمالات المُمكنة لإجراء إنتخابات نيابية فرعية خلال مهلة شهرين من تاريخ إعلان نفاذ الإستقالة، وكذلك السؤال عن ضرورة إجتماع مجلس النواب خلال مهلة ثمانية أيام من تاريخ إعلان حالة الطوارئ التي أقرّها مجلس الوزراء منذ يومين، لأخذ العلم كما هو وارد في المرسوم 5267، علماً أن السوابق المُسجّلة في هذا المجال تُفسح المجال أمام إحتمالين: الأول يقضي بأخذ المجلس عِلماً، والثاني غياب المرسوم عن مجلس النواب.
يُحدّد النظام الداخلي لمجلس النواب في الفصل الخامس منه وتحت عنوان “في الإستقالة” آلية تقديم النائب لاستقالته من المجلس النيابي.
وتقول المادة 16 من النظام الداخلي “للنائب أن يستقيل من النيابة بكتاب خطّي صريح يُقدّم إلى رئيس المجلس، فإن وردت الإستقالة مُقيّدة بشرط تُعتبر لاغية”.
أما المادة 17 فتنصّ “على الرئيس أن يُعلم المجلس بالإستقالة بأن يتلو كتاب الإستقالة في أول جلسة علنية تلي تقديمها، وتُعتبر الإستقالة نهائية فور أخذ المجلس عِلماً بها”.
بينما تُعطي المادة 18 المجال للنائب للتراجع عن إستقالته فتقول: “للنائب المُستقيل أن يرجع عن إستقالته بكتاب خطّي يُقدّم إلى رئيس المجلس قبل أخذ المجلس عِلماً بها، وتُعتبر الإستقالة كأنّها لم تكن”.
وبمعزل عن حيثيات كتاب إستقالة حمادة من مجلس النواب، الذي أودعه الأمانة العامة للمجلس، طالباً تشكيل لجنة تحقيق دولية وتحريك المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، فإن الأصول الدستورية، ولا سيما المادة 41 من الدستور تفرض إجراء إنتخابات نيابية فرعية، ووِفقاً للقانون 44/2017 فإن الانتخابات تجرى على أساس النظام الأكثري وفي الدائرة الصغرى (الشوف).
يرى وزير الداخلية الأسبق والمحامي زياد بارود في حديث لـ”نداء الوطن” أنّه “عندما تُعلن حالة الطوارئ حسب المرسوم 5267، يجتمع مجلس النواب خلال 8 أيام من تاريخه للنظر في التدبير، وهذا كان يحصل في السابق وأحياناً في اليوم نفسه، ومن المُفترض أن يجتمع المجلس للنظر بالتدبير، وخلال الجلسة من المُتوقّع أن يُطلع رئيس المجلس الهيئة العامة لمجلس النواب على كتاب الإستقالة لتُصبح نافذة وِفقاً لما هو وارد في النظام الداخلي”.
وتابع بارود: “دستورياً، تنصّ المادة 41 من الدستور على أنّه إذا خلا مقعد في المجلس النيابي، يجب الشروع في إنتخاب الخلف في خلال شهرين، وهذا طبعاً، إذا كانت المهلة الزمنية خارج مهلة الستة أشهر الأخيرة من ولاية المجلس، وهنا يتوجّب على الحكومة إعمالاً بالنصّ الدستوري، إجراء الإنتخابات الفرعية، وطبعاً وِفقاً لقانون الإنتخاب رقم 44/2017”.
ويرى بارود أنّ “مهلة الشهرين تبدأ من تاريخ أخذ الهيئة العامة لمجلس النواب العلم بكتاب الإستقالة، علماً أنّ الإستقالة يُفترض أن تكون نافذة منذ تقديمها، وبكلّ الأحوال نحن دستورياً أمام انتخابات فرعية، ولكن سبق وتمّت مخالفة هذا النص عندما إغتيل النائب بيار الجميل ولم تجر انتخابات فرعية، وكذلك عندما إغتيل النائب أنطوان غانم وعندما تسلّمت وزارة الداخلية، حينها أعددت مشروع مرسوم لإجراء انتخابات فرعية ورفعته إلى مقام مجلس الوزراء وبقي هناك”.
سوابق مختلفة لإعلان حالة الطوارئ
نظراً لترابط مسألة إنعقاد مجلس النواب للنظر في حالة الطوارئ المُعلنة من قبل مجلس الوزراء، مع إطلاع المجلس على كتاب إستقالة النائب مروان حمادة، لا بد من التذكير ببعض الحالات السابقة لإعلان حالة الطوارئ وأخذ المجلس العلم أم عدمه بها. لقد تمّ إعلان حالة الطوارئ بموجب المرسوم رقم 13925 تاريخ 31 تشرين الأول 1956، واجتمع مجلس النواب في النهار نفسه، ووافق بالإجماع على المرسوم المذكور.
وفي 5 حزيران 1967، صدر المرسوم رقم 7508 مُعلناً حالة الطوارئ في كلّ لبنان، واجتمع مجلس النواب في النهار نفسه، وفي ختام الجلسة، أعلن رئيس مجلس النواب أنّ مرسوم إعلان حالة الطوارئ في البلاد الذي صدر عن مجلس الوزراء هذا الصباح، أخذ المجلس عِلماً به وِفقاً للدستور والأحكام النافذة.
وفي عام 1969، صدر المرسوم رقم 12362 (23 نسان 1969)، الذي أعلن حالة الطوارئ إعتباراً من تاريخ 23 نيسان 1969، ولغاية يوم الأحد الواقع في 27 نيسان سنة 1969، وبما أنّ حالة الطوارئ أُعلنت لفترة أقلّ من ثمانية أيام، لم يتمّ إرسال المرسوم إلى مجلس النواب كي يُتّخذ القرار المناسب بشأنه.
وعقب الإعتداءات الإسرائيلية التي حصلت عام 1972، أُعلنت حالة الطوارئ (مرسوم رقم 3991 تاريخ 16 أيلول 1972) واجتمع مجلس النواب أيضاً، في النهار نفسه، وبالفعل تُلي المرسوم خلال الجلسة، لكن لم يتمّ التصويت عليه صراحة.
أما آخر إعلان رسمي لحالة الطوارئ، فقد حصل عام 1973، وتمّ بموجب المرسوم رقم 5513 (7 أيار 1973)، ويغيب هذا المرسوم كلّياً عن مجلس النواب، الذي لم يشهد الموافقة عليه أو تلاوته، أو حتى أخذ العلم به.