اذا كان الشعب اللبناني يعتقد بأن درب جلجلته وعذاباته قد انتهت بمصادقة مجلس النواب على مشروع موازنة 2019، يكن يحلم، او ربما يريد ان يقنع نفسه، بأن الايام المقبلة ستكون افضل من الايام التي سبقت، لان التي سبقت كانت كارثية على اللبنانيين، وسوف تبقى كارثية واكثر، فالطبقة السياسية التي حافظت على محمياتها العديدة، مكمن الفساد والهدر، هي عرّابة هذه الحكومة، والعديد القليل من النواب والوزراء الاصلاحيين، سيكون صراخهم في واد لا قعر له.
قبل الانتهاء من وضع موازنة سنة 2020، التي يحلم الاصلاحيون بان تكون خشبة انقاذ لبنان، لا ينتظرن احد من اللبنانيين ان يرفع سيف الانهيار المصلط فوق اعناقهم، فان هي – الموازنة – تضمنت اصلاحات سمينة كانت مطلوبة، يمكن للمواطن اللبناني ان يتنفس الصعداء، بانتظار التنفيذ اما اذا استمر التفتيش عن الاموال في جيوب الفقراء ومتوسطي الدخل، كما هو الواقع اليوم، فقل على لبنان السلام.
رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي صام دهراً على تصرفات ومواقف، كانت تستهدفه مباشرة، رأيناه يغضب على مواقف نواب ووزراء، صدّقوا بأن هناك نية حقيقية بمكافحة الهدر والفساد، وبتطبيق القوانين النافذة وبدلاً من ان يرفض استثناء اي محميّة من المحميّات التي يتقاسمها مع الطبقة السياسية، الحاكمة والمتحكمة بالدولة وبالناس، ويصر على اصلاح الخلل فيها، ثار وكاد ان يستقيل لان لجنة المال والموازنة اقتربت من محميات تخصه، وابتعدت عن محميات غيره، فسارع المستفيدون من الجبنة ومن التسوية السياسية، الى «تطييب خاطره» وهكذا، «ربح جميع الناس»، او جميع اصحاب المحميات التي تدر مالاً.
***
لليوم الرابع على التوالي، يسير اللاجئون الفلسطينيون بتظاهرات في المخيمات، ترفع شعارات ضد السلطة اللبنانية التي تضيق على اللاجئين منذ سنة 1948، وتزنر قلعة صيدا بالعلم الفلسطيني، وتتهم وزير العمل بالعنصرية والعمالة وتطالب باستقالته، و«يتنطح» احد اللبنانيين بالهوية، ويعتبر ان الفلسطينيين هم «اسياد لبنان» ولهم جميع الحقوق التي للبنانيين، هكذا بكل وقاحة وصفاقة.
لا الوم الفلسطينيين، بقدر ما اتهم المسؤولين اللبنانيين في مجلس الوزراء، وفي مجلس النواب، وخارجهما، للموقف المتخاذل، ان لم اقل تعريفاً اخر، حيال الفلسطينيين، الذين على ما يبدو ينفذون اجندة لا علاقة لها بالحقوق، قد تكون في جانب منها سيطرة منظمة حماس، على المخيمات والغاء دور منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية الشرعية، واسأل الشريك المسلم، اين هو اليوم، بعدما اعترف في سنة 2005 وقوفه الى جانب الفلسطينيين اثناء الحرب كان خطأ لن يتكرر.