IMLebanon

مصلحة الحزب ومصالح اسرائيل؟!

 

انتهت العملية الاسرائيلية ضد حزب الله ليبدأ الكلام على نتائجها والتوقعات، حتى وان كان الجميع يعرفون تماما ان مجالات رد حزب الله محصورة في اماكن معينة، بعكس ما هو متاح بالنسبة   للعدو الاسرائيلي الذي يجمع المراقبون على القول انه متفرغ  لحزب الله اكثر من تفرغه لاية مشكلة اخرى، حيث لم يكن احد ينتظر ان توجه اسرائيل «ضربة طيران» الى الحزب في منطقة حساسة بالنسبة الى الدولة العبرية التي تبدو مجالات اعتداءاتها متاحة اكثر من كل ما عداه ازاء مساعي الحزب ولغيره لقتالها بحسب برنامج سياسي – امني معين؟! 

الذين يخوضون في هذا الموضوع – الاعتداء، يجمعون على ان الحزب لن يسكت عما حصل لقيادييه، بقدر ما ستكون له ضربة ورد فعل في المقابل، الا ان المكان والزمان غير محددين، ربما بانتظار سانحة او مناسبة تسمح بتسجيل نقاط على اسرائيل، ما يعني ان الامور ستكون هادئة في المرحلة الفاصلة حيث يستحيل ان يعرف احد منذ الان ماهية تصرف الحزب، وما اذا كانت اسرائيل تخطط لاستتباع عمليتها  باخرى طالما ان الامور متاحة لها على الاراضي السورية المنشغلة بحرب الداخل التي تعني لنظام بشار الاسد اكثر من انشغاله بمحاربة اسرائيل؟!

ولان مجالات رد حزب الله من لبنان غير مؤمنة ولا هي مريحة، فان الاسرائيليين يعرفون ذلك ويتكلون على الظروف التي تناسبهم فيما الوقت والمكان غير متاحين امام الحزب في الوقت والمستقبل غير المنظورين، فيما يستمر الكلام على توقعات من هذا الجانب وذاك لجهة ما هو مرتقب وما ليس بوسع احد الاتكال على حساباته وتوقعاته لان الامور مرهونة باوقاتها، اضافة الى ان الكلام وحده لا يفي بالغرض السياسي – الامني الذي سجله العدو لما فيه مصلحته!

وفي المجال الاقليمي ثمة من يرى ان حزب الله غير قادر في هذه الاونة على ان يرد على الضربة الاسرائيلية، من غير الاراضي اللبنانية المحمية نسبيا بقوة الطوارئ الدولية، مع العلم ان مجالات حركته قد تكون متاحة في سوريا اكثر من لبنان، ربما لرغبته بان يستقطب الاضواء على ما يقوم به في مجال مساعدته نظام بشار الاسد، وهذه الصورة قد تبدو اكثر توقعا تجنبا لمحاذير توريط لبنان بما لا طاقة له على احتماله، بحسب اجماع المراقبين الذين يرون ان اعادة البلد كساحة حرب يمكن ان يدمر كل ما هو عليه من استقرار هش ومن اهتزاز امني مخيف لا يبدو في حاله الطبيعية قادرا على تحمل مردوده، فكيف اذا دخلت اسرائيل مجددا على خط توتير الاجواء!

 من هنا بالذات، يمكن استبعاد تحرك حزب الله على موجة الداخل، لاكثر من سبب وغاية اولا لانه يعرف ان اسرائيل لن توفر اي مكان في لبنان. ثانيا لان الحرب في هذه الايام لا تخدم مصلحة الحزب ومعها مصلحة مراجعه في ايران، وهذا من الامور المبتوت فيها، من غير حاجة الى تجارب وعملية شد حبال،على اساس ان ترسانة الحزب جاهزة لمثل هكذا احوال، اضافة الى كل ما تقدم عن ان ايران لن تكون مؤهلة لسد الثغرات العسكرية على ارض لبنان، لانها متورطة في الحرب السورية ولا يعقل ان توزع قدراتها بين حاجات البلدين.

اضافة الى ذلك، فان ملف ايران النووي عالق في حوار مع اميركا والغرب، اي ان الجمهورية الاسلامية لا تسمح لنفسها بمناهضة اسرائيل على المكشوف، كي تتجنب كل ما من شأنه ان يسمح للعدو بان يفكر بضرب منشآتها النووية، وهذا الاحتمال وارد في حساب طهران منذ وقت بعيد، وهو الذي يتطلب من الايرانيين الاتكال على حزب الله لمنع اسرائيل نسبيا من ان تفكر بعمل طائش يستهدف الاراضي الايرانية والمنشأت النووية كما سبق وحصل مع العراق!

من هنا يبدو ان مجالات تحرك حزب الله محسوبة بدقة متناهية لجهة عدم استعداده الخوض في حرب قد لا تبدو معلنة في الوقت الحاضر فيما تبدو اسرائيل قادرة على التصرف، بحسب ما تمليه مصالحها الانية والمستقبلية، حيث لا يعقل ان تبقى منتظرة ضربة من الحزب، لا تؤمن لها ردا مناسبا من النوع الذي يلبي مصالحها الداخلية والخارجية في وقت واحد، لاسيما ان ظروف المنطقة لا تشجع الحزب ولا تؤمن له حرية الحركة، خصوصا ان المنطقة تعاني من «وبأ المتآمرين  عليها من الداخل» والمقصود هنا حركة الاصوليين التي تخطت المعقول والمقبول، لاسباب تعرفها اميركا كما يعرفها الغرب؟!

والذين يقولون ان «لا حرب في المنطقة في الظروف الحالية» قد يكون معهم حق، كي لا يتحقق المزيد من مصالح اسرائيل في الداخل وفي الخارج، لاسيما بالنسبة الى اجراءات تهويد البقية الباقية من فلسطين المحتلة، ما يعني بالضرورة وجود احتمالات سلبية بالنسبة الى خصوم اسرائيل وايجابية بالنسبة للعدو وكل ما يقال عكس ذلك يكون بمثابة «امتحان توقعات» القصد منه جر المقاومة الى ما ليس بوسعها تحمله؟!